قيمة الإنسان تكمن في دواخله وليس بعضلاته، حيث لا يوجد شخصٌ في العالم ضعيف، لكنه لو فكر ملياً بما يملكه من أفكار وقدرات لعلم أن مواطن القوة تكمن بداخله، حيث يمكن أن يستثمر عقله ومعرفته من أجل التقدم للأمام، فالشخص القوي هو مايجعل في نفسه موطن القوة، وهذا ما يدعونا للتفكير ملياً وإعادة النظر في أنفسنا.
(النملة تقرص) رغم ضعفها وقلة حيلتها, لن تبلغ من الدين شيئاً حتى توقر جميع الخلائق ولا تحتقر مخلوقاً ما دام الله قد صنعه.
كل إنسان يرى في نفسه الرفعة والأنفة.
الصغير قد يكون صغيراً في حجمه وطلته.
هذا الفارق قد يكون سبباً في ازدراء الآخرين وعدم الالتفات إليهم وحملهم على محمل الجد.
وهذا هو الخطأ والانحراف عن الحقيقة ووزن الأمور بغير ميزانها ومجانبة الصواب إذ أن المخاصمة قد تكون مناقشة أو حواراً أو جدلاً يفوق به الصغير على الكبير ويعتلي سلم الغلبة بما يملك من مواهب الحكمة والفهم والإدراك وضراوة اللسان وقوة الحجة وحدة البرهان فتراه صامتاً ولكن إذا تحدث بذ القائلين وغلبهم بعلمه وقوله وشدة عزمه.
وقّروا كباركم واحترموا صغاركم واجعلوا لهم مكانة تليق بهم، أيضاً قيمة الإنسان تكمن في إنسانيته وأدبه ورحمته مع الآخرين، لا يوجد أي شيء آخر يجعل للإنسان قيمة حقيقية، لا منصب ولا علم ولا مال ولا حسب ولا شكل ولا أي شيء، كل هذه الأشياء تضفي قيمة زائفة، لكن القيمة الحقيقية في الإنسانية. {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}.
واحتقار الآخرين لقلة ذات أيديهم أو جاههم أو عدم حسن صورتهم أو أجسادهم ضعف في العقل، ونقص في كمال الإدراك، وقلة في الإيمان، فالحياة وزينتها وغناها وجاهها وزخرفها دول بين الخلق، فكم من فقير اغتنى، وكم من وضيع شرف، والمحتقر على وجل من زوال نعمة غناه أو جاهه أو مكانته أو صورته.
الإنسان النبيل صاحب المروءة كلما ازداد شرفاً ورفعة، كلما ازداد تواضعاً لله وشكراً. أبو بكر رضي الله عنه كان خير الناس بعد الأنبياء والمرسلين، وهو خير أتباع الرسل إلى يوم الدين، كان إذا مدح في وجهه أو أثنى الناس عليه يقول: «اللهم إنك أعلم بي من نفسي، وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيراً مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون».