رقية سليمان الهويريني
أصبح من المعتاد أن نسمع ونقرأ أخباراً عن توجيه هيئة الرقابة ومكافحة الفساد بالتحقيق عن تهم غسل الأموال، والتزوير والرشوة، وسوء استخدام السلطة إلى موظفين ومتنفذين حتى لو كانوا متقاعدين والتصديق على أقوالهم بعد التحقيق معهم عقب حصولهم على مبالغ بملايين الريالات إضافة إلى تهم بالتزوير بمحررات وسجلات رسمية استغلالاً لطبيعة عملهم.
وكثيراً ما أتوقف أمام هذه الأخبار المفجعة وأتخيل المتهمين ووضعهم النفسي ومأساة أسرهم، وأتعجب من تكالب الكثيرين على الدنيا بطريقة بشعة، وسعيهم لتنمية أموالهم وزيادة دخلهم بشتى الطرق حتى ولو لم تكن مشروعة، لدرجة الوصول لارتكاب جرائم استغلال نفوذ الوظيفة لتحقيق مصالح شخصية، وإساءة الاستعمال الإداري والإخلال بالواجب الوظيفي وخيانة الأمانة.
فأي راحة بال أو استمتاع بأموال نهايتها في الدنيا الفضيحة والسجن؟
إن أموالاً تقودك للخزي والعار لا خير فيها، وهي في النهاية وبال على الإنسان في آخرته حين يسأل يوم القيامة عن ماله ممَّا اكتسبه وفيم أنفقه؟ فكيف عندئذٍ ستكون الإجابة؟ وهل يرضى أحد أن يورث لأبنائه مالاً حراماً سواء اغتصبه بظلم، أو سهَّل لأحد به حصول أمر بغير استحقاق؟
وكان جديراً بهؤلاء التدبر بأن العبرة هي البركة في الرزق وما يترتب على تلك البركة من خير وراحة بال وهدوء نفس وطمأنينة، ورضا الضمير وبراءة الذمة بعيداً عن قلق الملاحقة القانونية والشرعية والخوف من اكتشاف مصدر الأموال.
إن النزاهة بمعناها الدقيق تعني عدم التلوث بأموال تصطبغ بشبهة سواء سرقة أو اختلاس أو رشوة أو نصب واحتيال عدا عن الإخلال في أداء الأمانة والإخلاص في العمل، وما سوى ذلك فإن البركة ستحل في المال؛ حتى ليشك المرء بأن ماله ينمو ويكبر ويثمر كالزرع، وقد يعجب غيره من ثروته، بيد أنه هو وحده يدرك أن بركة الرزق لا تعدو عن كونها ثمرة النزاهة وحصيلة الاستقامة، ونتيجة التقوى.