رمضان جريدي العنزي
يعتقد بعض الحمقى ويخيل لهم بأن ظهورهم على منصات التواصل الإعلامي وبأي طريقة وأسلوب وكيفية كانت هو مما يخدمهم اجتماعياً ويقربهم إلى القلوب، وهم بذلك واهمون جداً، وبعيدون كل البعد عن الصحة والحق والصواب، إن كسب قلوب الناس ووجدانهم لا يكون عبر افتعال الأحداث والمواقف واستعراض البطولات الزائفة، والمكارم الباطلة، والمبالغات والثرثرة والعنجهية والعنتريات والتحدي اللين الواهن، لا يكون كذلك أبداً وعلى الوجه المطلق، بقدر ما يكون بالأعمال الصالحة، والخدمات النافعة، والبر والإحسان، والسلوك والأخلاق والتعامل، أما ادعاء الذات، وتسويق النفس، عبر استعراضات تافهة هزيلة ركيكة لشخصية تغص بالمفارقات والازدواجيات والتلونات والأعاجيب، فذلك ما يجعل الشخص عرضة للانتقاد اللاذع، وابتعاد الناس عنه، ونفورهم منه.
إن الزعم الكاذب بالأخلاق والسلوك والمناقب والمآثر والمحامد والمكارم الكاذبة والمنافية للواقع غير مجدٍ ولا فعالٍ ولا يضيف أي إيجابية للمدعي بتلك الصفات، إن ادعاء المثالية في كل شيء، والتعالي والفوقية على الناس، عمل مشين لا يرقى لمستوى الإنسان العاقل السوي، بل هو لون من ألوان الوقاحة المتناهية، إن الشخصية المتناقضة مريضة ذات سقم مغاير، تهوى الادعاءات والتمثيل والتناقض، وتعشق الضوء والشهرة بشكل لافت، ولا يهمها رأي الناس وإن سمع منهم التقريع والسخرية والهوان، إن اللهاث الغريب لإثبات الذات على غير وجه حق، ولا مسوغ مشروع، ولا قاعدة صلبة، فقط لاجتذاب الضوء بأي طريقة وثمن، حتماً تجيء النتيجة مغايرة وعكسية بالكامل وعلى عكس السعي والمبتغى والمراد.
إن صاحب التمثيليات الكاذبة، والمسرحيات العبثية، والأساليب الممقوتة، والمنهج الباطل، مكشوف تماماً وإن ظن أو اعتقد غير ذلك، إنه يسقط شخصيته، ويهدر اعتباره، وينزل إلى السفوح، قد ينجح مرة ومرتين ومرات، لكنه يسقط في النهاية لا محالة من غير شك ولا ريب، بعد أن تنكشف حقيقته وجوهره، إن الرجل الحقيقي لا يحكم عليه من خلال مسرحياته وتصويراته وحركاته و(هياطه) الدائم واصطناعه للأكاذيب والغش والخداع، وإنما يحكم عليه من خلال ما يحمله من مبادئ وقيم، وسعيه إلى ترجمتها إلى واقع حياتي سليم، وما يبذله من تضحيات جسام في سبيل الحياة القويمة والإنسان، إن على الشخص الذي يتصف بهذه الصفات السلبية الممقوتة أن يراجع نفسه، ويقف عند حدِّه، لئلا يتدحرج إلى الهاوية السحيقة في الدنيا قبل الآخرة.