ناهد الأغا
لأن الحضارة والمدنية المتقدمة تحتاج إلى الكثير من السعي الحثيث والجهود المضنية لبلوغ القمة كان لزاماً وأمراً حتمياً أن تقترن وبشكل متواتر يتزايد طرداً مع إعلام مميز ورائد يشار إليه بالبنان..
فالإعلام لغة.. العملية التي تكون وظيفتها تقديم أسس ومعلومات تنقل بكل وضوح والصدق ديدنها لكل خبر أو موضوع ولكل أفكار تنبثق عن آراء جمهور ما وكل ذلك يندرج تحت خدمة الرأي العام..
وبناءً عليه يكون الإعلام هو الوسيلة الفعالة التي تحاكي عقول الناس وتلمس أحاسيسهم في جوٍّ أساسه الحوار واحترام الرأي الآخر بمسحة ديمقراطية عنوانها الحوار الموضوعي والإقناع العقلاني المثري..
وتأتي وسائل الإعلام لتكملة المهمة السامية في نشر الوعي بطريقة رائعة قائمة على الابتكار والعمل على تذليل العثرات التي من شأنها فهم الوقائع التي تحيط بأي سبق إعلامي يخص حياة الناس للوصول إلى معلومة يكون لها التأثير الفعال الذي ينعكس إيجاباٍ على الفرد أولاٍ ثم المجتمع ثانياً..
ومن هذا المنطلق وبمناسبة حديثنا عن الإعلام ننوه بأن الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية احتضنت المنتدى السعودي للإعلام في نسخته الثالثة وتعرف زواره ومشاركوه على التقنيات الحديثة والتجارب الرائدة التي جعلت من المملكة الوجهة الإعلامية الأولى والمتقدمة عالمياً على مستوى الشرق الأوسط..
وضم هذا الجمع الكريم وزراء وسفراء ومسؤولين رفيعي المستوى وأكاديميين يتقدمون المراتب العليا في الصناعة الإعلامية..
وفي غضون ذلك تحدث الأستاذ محمد بن فهد الحارثي «رئيس المنتدى السعودي للإعلام والرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون» مؤكداً على ضرورة إقامة علاقات من شأنها الإسهام في تطور المؤسسات الإعلامية على المستويين المحلي والعالمي..
وأن المنتدى يسعى مساعيَ حثيثة إلى إيلاء الأهمية للتفكير الإبداعي والاهتمام الكبير بصناعة المحتوى الهادف وهذا بدوره سيدعم الدور الإعلامي في بلورة الرأي العام للوصول إلى الغاية المنشودة..
وأشار الحارثي إلى ورقة عمل المنتدى حيث ستحتوي عرضاً لقصص نجاح إعلامية بارزة لتمكين الفكر الإبداعي والابتكاري ومواكبة كل ما يطرأ على الإعلام من تغيرات ومجاراة الحداثة في الصناعة الإعلامية عبر جذب وتحفيز الخبرات المبدعة على المستويين الفردي والمؤسسي لأنه سيسرع من عملية النهوض بالإعلام لمواكبة التطور التقني والسريع الذي يعزز مكانة المملكة ليكون لها قصب السبق في التقدم الإعلامي مشدداً على احتواء الكفاءات الشابة وتهيئتها بما يتناسب مع المتغيرات الإعلامية المتسارعة..
وأردف قائلاً: «إن المنتدى السعودي للإعلام قدم نسختين ماضيتين حققتا نجاحاً منقطع النظير وعلى كافة المستويات من حضور ومشاركين ومن نوعية الموضوعات التي نوقشت في الجلسات الحوارية والورش المنعقدة على هامش المنتدى حيث بلغ عدد الحضور 2000 خبير وإعلامي وأكاديمي وكل من لديه الاهتمام من عرب وأجانب.. كما حضر العديد من طلبة الجامعات السعودية الذين يدرسون الإعلام الأكاديمي والاتصال المرئي والمسموع..
وأوعز بأن النسخة الثالثة التي جرى العمل على إعدادها ما هي إلا تكملة لمسيرة النجاح المذكورة مسبقاً حيث التأمت في 20 فبراير من الشهر الجاري ونظمت بمساعدة عدة هيئات على رأسها الإذاعة والتلفزيون وهيئة الصحفيين السعوديين بعد بذل الجهود المعطاءة والاستعداد التام لتحضيرات متكاملة للخروج بنسخة استثنائية ومميزة للمنتدى».
لقد حمل المنتدى شعار «الإعلام في عالم يتشكّل» وهذا يكون تحت مظلة سعودية تقود أسس الحوار وتتبنى المبادرات الإعلامية الرائدة وهو التجمع الأمثل الذي سيؤدي إلى التطور المطلوب في ماهية الصناعة الإعلامية التي تحقق أفضل الخدمات لجمهور ينشد المحتوى الهادف والمثري الذي من شأنه دعم كافة المساعي التي تعمل عليها المملكة لترؤس دول المنطقة على كافة الأصعدة من خلال خيمة المنتدى السعودي الذي يعد التجمع الإعلامي الأكبر في الشرق الأوسط..
وقدم الأستاذ الحارثي شرحاً مفصلاً حول المبادرات المكثفة للجان المنتدى والتي كانت أشبه بخلية نحل بالتعاون مع شركائها للتوصل إلى الهدف الذي وضعت من أجله ألا وهو بلوغ الإعلام السعودي المكانة التي يستحقها دولياً وعلى سبيل المثال مبادرة «انتج» وهي عبارة عن فرصة ذهبية قدمت لدارسي وخريجي الإعلام والهدف هو أن تكون مبادراً لا متلقياً وإبراز المهارات الفردية التي تدعم جهود الأفراد وتحفزهم على الإبداع والابتكار كمهارة الكتابة والتصوير والتمثيل والتقديم وكل ذلك ضمن جوٍّ من التشجيع والاحتواء لخلق بيئة واعدة حاضنة لمواهب تتناسب والتطور المتسارع الذي تعيشه صناعة الإعلام الهادف..
وعلى مستوى سفراء الإعلام كانت هناك مبادرة ذهبية تشاركية لجميع الكليات التي تدرس الإعلام في الجامعات السعودية لتسليط الضوء على المواهب الشابة كيف لا.. وهي التي ستشكل مستقبلاً اللبنة الأساس للصناعة الإعلامية السعودية من خلال استهداف الطلبة المبدعين لتأهيلهم فيما بعد لمعرض الإعلام المستقبلي «فومكس» حيث يتقلدوا منصب السفراء فيه من خلال جامعاتهم..
وإنها لضرورة ملحة جداً حضورهم فعاليات المنتدى لإثراء التجربة الإعلامية لديهم في كافة المجالات ويكونون قادرين بجاهزية تامة لأي متغيرات إعلامية تشكل العنوان الرئيس في المشهد الإعلامي..
ومن جهة أخرى قال الحارثي: إنه يجري العمل على إطلاق مبادرة تدعم المصورين بالتشارك مع مركز الملك عبد الله المالي «كافد» والاستفادة من الخدمات الرائعة التي يقدمها المركز على مدار الساعة وطوال الأسبوع وإصدار تصريح التصوير خلال 72 ساعة وكل ذلك من شأنه تسهيل مهمة المصورين المسجلين في المنتدى لتقديم أفضل اللقطات التي تميز أعمالهم..
حيث أشار الحارثي إلى أن «فومكس» هو الأكبر في الشرق الأوسط ولترسيخ مكانة المملكة عالمياً وجعل الرياض هي الحاضنة الأولى للهوية الإعلامية فقد يضم 200 شركة محلية وعالمية وهذا يندرج تحت تكثيف الجهود لبلوغ المملكة المكانة الريادية الأولى على كافة الأصعدة وبالتالي قيادة الحضارة في المستقبل تماهياً وتماشياً مع الأهداف السامية لرؤية سمو ولي العهد 2030.
كما يعتبر المعرض الفرصة الاستثنائية لموضوع الاستدامة والتفكير الإبداعي من خلال المناقشات وعقد شراكات تساعد في تطور المؤسسات التي تنتج الصناعة الإعلامية الرائدة وهذا ينعكس بدوره على الساحة الثقافية حيث يجمع المعرض تحت مظلته المبدعين وأصحاب الشأن وإبراز أحدث التقنيات في المجال الإعلامي..
وبالتالي فالمعرض سيكون المرآة للزخم الحضاري الذي تسعى إليه المملكة..
وعلى غرار المنتدى الإعلامي فإن المعرض سيضم جميع المبدعين والأكاديميين في مجال الإعلام وتقديم أحدث التقنيات يكون عنوانها «صناعة إعلامية رائدة».
أما بشأن جائزة المنتدى السعودي للإعلام.. أكد الحارثي بأنها ستمنح بشكل فردي أو جماعي وكله في نطاق المبادرات التي أطلقها المنتدى حيث ستكون من نصيب الأفراد المميزين والمجموعات التي تمثل مؤسساتها الإعلامية والمرشحين كذلك من قبل مستشارين ذوي خبرة لمتخصصي كليات الإعلام..
وتخص الجائزة الفئة المستهدفة من رواد إعلاميين ومبدعين ومؤثرين في شتى الأقسام الإعلامية وذلك تتويجاً لختام أعمال المنتدى.. وسيشمل التكريم كما أسلفنا المؤسسات التي تفوقت في الصناعة الإعلامية محققة كافة الشروط والمعايير وبكل وضوح ومصداقية لبلوغ الهدف الأقوى وهو الوصول إلى المحتوى الإعلامي الهادف.. كما حض الحارثي على ضرورة تقدير جهود وعمل الشخصيات الفاعلة في المجال الإعلامي على المستويين المحلي والإقليمي وتشجيع المنافسة الإيجابية بين المبدعين والمبتكرين ليعكس صورة مشرقة غايتها صناعة إعلامية عنوانها التميز.. والعمل بكل جهد لدعم قصص النجاح والتجارب السعودية في هذا المجال والتي تركت بصمة استثنائية في الإعلام السعودي.. وأوعز الحارثي وبكل امتنان لإقبال هذا الكم الكبير من الشخصيات المتقدمة للمشاركة لنيل الجائزة والتي بلغ عددهم 1000 إعلامي وهذا بدوره يرجح شغفهم للمحتوى الإعلامي السعودي المتميز بجودته وثرائه وكأنه يقول بكل ثقة: «من ذا الذي يضاهي إبداعي وتميزي».
وفي ختام مقالي هذا.. نبارك لمعالي الدكتور عبد العزيز بن محي الدين خوجة الفائز بجائزة المنتدى السعودي للإعلام بفئة «شخصية العام الإعلامية»، كما ونبارك لجميع الفائزين بجوائز المنتدى، الذين قدموا نتاجاً إعلامياً عنوانه الإبداع والذي يؤكدون من خلاله على سمو المكانة التي تقودها الرياض وعلى دورها المحوري والدولي بصناعة الإعلام المميز والهادف.