ليلى أمين السيف
والله لو علم بعض الرجال شكاوى النساء منهم وخيبة أملهن في أزواجهن لما فرطوا في إبداء مشاعر الثناء التي لن تكلفهم شيئاً..
فقد قيل لي إن الزوج يمدح زوجته دوماً وبعد هذه العشرة لا يجوز أن تتذمر المرأة من زوجها..
وأسوأ شيء يمكن أن يعتري بعض العلاقات الزوجية هو الملل والتعود..
يعتاد أحد طرفي العلاقة على إطار العلاقة المعينة التي رسمها المجتمع والتي قد تكون مؤذية نفسياً لكليهما فيتسلل الملل للأنفس للأسف ولا يفهم الشريك لماذا يهجره شريكه أو يجد حياته وفرحته مع أصدقائه أو أبنائه وأن الحديث بينهما أصبح نادراً.. بل وقد يفترقا في الفراش.. فإما أن يديرا ظهرهما لبعضهما بعضا أو أن يناما كل في غرفة بعيداً عن الآخر وتصبح العلاقة واجباً..
أرجوكم أفهموا.. لست أنتقد الرجال بشكل عام ولكنني أتحدث عن موت صامت يتخلل علاقات بعض الأزواج..
لماذا لا يظهر هذا إلا بعد أن يكبر الأبناء.. لأن كلا الطرفين يعتقدان أن حياتهما إنما كانت لأجل الأبناء فيحرصان على الشكل لا على المضمون.. وأصبح عيباً أن يشكو أحدهما أو يصارح شريكه بما يختلج في فؤاده..
أنا دوماً أقول إن العلاقة الزوجية هي في جزء منها قد تكون أهم من علاقة الأبوة والأمومة وهي من بين أسمى علاقة في الدنيا ففيها تستكين الأنفس لبعضهما بعضا وتحلو الحياة وتطيب كل مرارة فيها..
والله ليس من العيب أن تصارح الزوجة شريك عمرها بأن يغتسل مثلاً أو يهتم برائحة فمه، أو يهمس الزوج المحب لزوجته بأنه يريدها أن تصبغ شعرها وأن تتزيَّن له وأن تحافظ على رشاقتها لأنه ما زال يراها أنثاه وحبيبته تلك التي أحبها ووضع الزهرة ليزيِّن شعرها الجميل..
وقد أخبرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بأن الإيمان يبلى في قلب المؤمن ويحتاج إلى تجديد «إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم».
فإذا كان الفتور يسود بعض القلوب في العبادات فكيف يكون الحال في علاقة زوجيه ذات روتين واحد وللأسف فإن أحد الشركاء لا يهتم بمشاعر أو ود أو حتى فتور وجذب وشد..
بالله عليكم.. هل جاء زوج مثلاً وقال لزوجته كما كان يفعل وهو شاب: «تعالي وحشتيني.. نفسي نجلس مع بعض تتكلمي وتحكي لي ايش صار معك وهو ممسك بيدها مثلاً وفي عينيه نظرات الحب القديمة إياها..»
أو هي قالت له: «والله لو عاد الزمن بي لن أختار سواك».
أنا لا أقول إن الأزواج لا يحبون بعضهما.. بل قد رأيت أزواجاً توفاهم الله مباشرة بعد وفاة زوجاتهم.. وزوجة زميلة لي أصيبت بالجلطة بعد وفاة زوجها حتى توفاها الله مؤخراً.
ولكن والله هذا من قبيل الإحسان.. الإحسان لبعضنا بعضا..
يقول لي زوجي أنتن النساء الواحد يضحك عليكن بكلمة..
طيب اضحكوا علينا وببلاش.. فين المشكلة..
امتدح شعر زوجتك وطبخها ونظافتها وعائلتها وحسن تربيتها لأبنائها وتدبيرها لأمور بيتها.. هناك نساء مقصرات في بيوتهن وهناك رجال كذلك وبوسع كل شريك محب لبيته مهتم بعائلته أن يصارح شريكه بما يزعجه ويرغب فيه ببيته وليس في ذلك عيب..
ولكن بعد سنين عدة.. ليس من المعقول أن يبقى الحال على ما هو عليه.. وعلى الطرفين الرضا بالواقع المفروض لأنه ليس هناك خيار آخر إلا خيار مر وقد يكون عيباً وفقاً للرؤية المجتمعية..
أيها الأزواج والزوجات رفقاً ببعضكما بعضا..
نحن في زمن غير زمن جداتنا وأجدادنا.. فالحياة تغيرت في كل شيء..
معظم الرجال يجتاحهم الملل ويشكون من سكون زوجاتهم وعدم التغيير وفي ذات الوقت نرى الزوجات يحببن الثناء ولا يجدنه من أزواجهن إلا بالطلب..
كلها أمور بسيطة وعلى كل شريك أن يراجع نفسه لأني والله رأيت زوجات في السبعين يهجرن أزواجهن بالصمت ورجال ينصرفون عن زوجاتهم بأمور عديدة..
فلماذا ندفن رؤوسنا في الرمال بداعي أن هذا عيب ولا يجوز مصارحة بعضنا بعضا..