عمر إبراهيم الرشيد
لا يستطيع شعب في الغالب الأعم الاستغناء تماماً عن الأجنبي في العمل والبناء والتنمية، فها هي أكبر الدول الصناعية وأقواها كأمريكا وألمانيا وبريطانيا وكوريا الجنوبية وغيرها، يقف الأجنبي بجانب المواطن في المصانع والمعامل، ويعمل في المستشفيات والشركات. وهذه سنة الله في خلقه فالأصل هو التشارك وتبادل المنافع والخبرات، وتبقى مصالح وأولويات ومعايير كل دولة لتحكم تلك المشاركة والفرص.
في المملكة ومنذ بدايات الطفرة الاقتصادية الأولى عام 1975م فتحت الفرص الهائلة للعمل في مشاريع البنية التحتية والتعليم والصحة للعرب والأجانب، فعملوا واستفادوا وأفادوا دولهم وأسرهم بتحويلاتهم المالية ومدخراتهم، وكثيرون عادوا لبلادهم فأسسوا أعمالهم التجارية وآخرون هاجروا للغرب أو الشرق بعد أن استوفوا المعايير المالية والمهنية للهجرة.
والمملكة تماثل في مساحتها ومشاريعها وبنيتها الأساسية عدة دول، ومع الطفرة الثانية عام 2000م، ثم الطفرة الحالية التي تعيشها المملكة، لاتزال الحاجة قائمة لليد العاملة الأجنبية في بعض المهن. إلا أن الملاحظ في بعض المهن والوظائف التي يمكن شغلها بمواطنين، وذلك حتى في القطاع الصحي، هناك تلكؤ واستغفال من شركات وكيانات اقتصادية في سعودة تلك الوظائف.
بل هناك سعودة (مقنّعة) وذلك بأن يتم استيفاء نسبة السعودة (5%) عن طريق الوظائف الأمنية (الحراسات) بينما باقي الوظائف الإدارية والمكتبية مشغولة بوافدين، والأدهى أن الوظائف الإدارية ورئاسة الأقسام مشغولة كذلك بغير السعوديين، وهو ما يقلل فرص العمل للشباب السعوديين لأن إدارات تلك الشركات يشغلها أجانب.
أقول هذا في بعض الشركات والكيانات الاستثمارية التي تعمل حالياً في المشاريع الكبرى في المملكة، ولا أعمم بطبيعة الحال فالتعميم لغة الجهل.
وأعيد بأن الدول والمجتمعات لا تستطيع الاستغناء عن الأجانب والوافدين في التنمية والعمل، إنما تحافظ على حقوق مواطنيها في فرص العمل والوظائف وهذا من أولوياتها وأوجب واجباتها، لذا فالسعودة الفعلية بنسبتها النظامية يجب أن تفرض حتى على المستثمر.. السعودة الحقيقية وليست المقنّعة!