عبدالله إبراهيم الكعيد
لكل دولة قوانينها وأنظمتها التي تعبّر بطريقة أو بأخرى عن سيادتها، ويفترض أن يعرف كل مواطن قوانين بلاده خصوصاً تلك المتعلقة بعلاقته مع الآخرين ومع الأجهزة الرسمية وغيرها، وتحرص الكثير من الدول على تنبيه القادمين إليها بأهم قوانينها حتى يتم مراعاتها وعدم مخالفتها.
لكنّ هناك مصطلحاً يتردد على مسامع الناس في خطابات زعماء الدول وقت نشوب الحروب والنزاعات. (القانون الدولي) يعني الخروج من القوانين الخاصة لأي دولة واللجوء إلى القانون الدولي العام. في موقع منظمة الأمم المتحدة على الشبكة العنكبوتية تم الإشارة إلى القانون الدولي حسب ديباجة ميثاق الأمم المتحدة على أن شعوب الأمم المتحدة آلت على أنفسها تبيان «الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي». وتعمل المنظمة (حسب الموقع الإليكتروني ذاته) في هذا المجال من خلال المحاكم والمعاهدات متعددة الأطراف فضلاً عن مجلس الأمن الذي له صلاحية نشر بعثات حفظ السلام وفرض العقوبات والإذن باستخدام القوة في حال تواجد تهديد للسلم والأمن الدوليين. وتنبع تلك الصلاحيات من ميثاق الأمم المتحدة الذي يعد بحد ذاته معاهدة دولية لها ما لصكوك القانون الدولي من قوة إعمال وإلزام على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
ويقنن الميثاق المبادئ الرئيسية للعلاقات الدولية، ابتداءً من السيادة المتساوية للدولة وانتهاءً بتجريم استخدام القوة في العلاقات الدولية.
كأي نص كتبه نصف هاوٍ يصعب على أي محامٍ الاستناد عليه للمرافعة في أي قضية عادلة بسبب تلك المفردات المطاطة التي لا تشير بشكل واضح ومباشر إلى إدانة من ينتهك ذلك القانون الدولي. تساءل الراحل الدكتور غازي القصيبي في كتابه المعنون بـ»عن هذا وذاك» منشورات تهامة ص 52 بقوله: ماذا عن وضع القانون الدولي اليوم؟ ماذا عن طبيعته؟ لِمَ يُصرّ البعض على أنه قانون بالمعنى الدقيق بينما يُنكر عليه آخرون هذه الصفة؟ لماذا يرى فيه البعض أمل البشريّة في الخلاص من سياسة القوّة والعدوان بينما يعتبره البعض الآخر جثّة هامدة بلا حراك؟
يميل كاتب هذه السطور إلى أولئك الذين أسماهم الراحل القصيبي بالبعض الآخر أي الذين يعتبرون القانون الدولي جثة هامدة أو كما يقال حبر على ورق يمكن لأي دولة متغطرسة أن تضرب به عرض الحائط وتنفّذ ما عزمت عليه دون اعتبار للمنظمة الدولية بكل قضّها وقضيضها ولنا في عربدة الكيان الصهيوني وجرائمه على أرض فلسطين العربية أكبر شاهد ودليل. ليس فقط الصهاينة من استهتر بالقانون الدولي، بل وحتى بلد المقر الذي يدعي ساسته رعايتهم للحريات وصيانة السلم الدولي. الولايات المتحدة الأمريكية أكبر منتهك لذلك القانون الكرتوني المفصّل على مقاس الدول المستضعفة التي لا حول لها ولا قوة. أبعد هذا يمكن التعويل على ذلك القانون كأملٍ للبشرية في الخلاص من سياسة القوة والعدوان؟