سهم بن ضاوي الدعجاني
سجل أيها التأريخ أن هذا العام 2024، هو عام «الإبل» في بلادنا واسمع أيها العالم المتحضر أن الإبل أصبح لها عامٌ في «السعودية العظمى»، فقد لعبت الإبل دوراً مهماً في توحيد المملكة في عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن - رحمه الله- الذي اعتمد ورجاله بعد الله عليها في تنقلهم، وغذائهم بأكل لحومها وشرب حليبها، ونقل الماء والعتاد والسلاح والرجال، حيث شاركت الإبل في جميع معارك وحملات المؤسس لتوحيد بلادنا، ويكفيها فخراً أن رايات التوحيد كانت ترفرف على ظهورها، لقد جاء عام الإبل ليحتفي بالقيمة الثقافية الفريدة التي تمثّلها الإبل في حياة أبناء الجزيرة العربية منذ القدم حتى اليوم، فقد كانت الإبل رقماً صعباً في اجتياز الرحلات الطويلة وقطع القفار وتجاوز وحشة الصحراء، بل كانت فاتحة القصيد وخاتمة الحكايا، لأنها تمثّلت الوفاء الشديد لصاحبها، وهي إرث نتمسك به وموروث عريق نعتز بالمحافظة عليه، بل هي رمز في وجدان الإنسان السعودي على مر التأريخ، أن عام الإبل يسعى إلى تأصيل مكانتها الراسخة وقيمتها الثقافية والتاريخية والحضارية في كل مفاصل الحياة، وبهذا تتحول الإبل إلى رمز ثقافي في العقل السعودي، إذا نجحت جميع مؤسسات الدولة خلال هذا العام في التعريف بالقيمة الحضارية للإبل والعادات المرتبطة بها ومورثوها الثقافي والتاريخي العريق، وإذا أبدعت مؤسسات المجتمع المدني في تسليط الضوء على أهمية الاستثمار في قطاع الإبل، ودورها في تحقيق الأمن الغذائي وليس هذا فحسب، بل عندما يتنافس رجال الأعمال السعوديين المهتمين بصناعة الغذاء إلى التميز في تحويل هذا العام لرفع سقف الإنتاج السعودي المبني على «الإبل»، لتصبح علامة تجارية سعودية على مستوى العالم تنطلق من هذه الصحراء بيئة سيد البيد.
«عطايا الله» مصطلح شعبي له مكانته في «وجدان» بدوي هذه الصحراء، لا ينافسه إلا قول السعوديين عندما يمدحون أحدهم «راعي الإبل» لمكانة صاحبها الاجتماعية، في تلك الأيام عندما كانت الإبل زينة المكان والزمان، بل إن ابن الصحراء إلى وقت قريب إذا حزبه أمر وهو من أهلها يرفع صوته: أنا «راعي الإبل»! إنها «عزوة» أبناء الصحراء عاشقي الإبل، وهنا تذكرت «العصافير» إبل ملك الحيرة النعمان بن المنذر و«الريمات» إبل المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز -رحمه الله - و«الشرف» نخبة الإبل في المملكة التي يملكها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله. وبهذا تؤكد «السعودية العظمى» على جذورها الراسخة، يوماً بعد يوم لأنها هي الطريق إلى هوية «الوطن»، وهي واجهة الحلم السعودي الذي نعيشه الآن وسيعيشه أبناؤنا وأحفادنا في المستقبل. السؤال الحلم: متى ننجح في إبراز الدور الرئيس للإبل في التطور الحضاري التي تعيشه المملكة؟ أعتقد إذا نجح القائمون على التعليم في بلادنا في إعادة معمار «ثقافة الإبل» في مدارسنا وجامعاتنا، وإذا نجحت وزارة السياحة في جعل «الإبل» علامة سياحية تحترف الجذب السياحي لكل من زار بلادنا واستمتع بالمنتجات السياحية السعودية القائمة على ثقافة الإبل، واستمرت «ماركة إبل السعودية» (EBEL ) في منهجها لتصبح برانداً عالمياً، ونجح صندوق الاستثمارات العامة من خلال «شركة سواني» لتجعل من قطاع صناعات الإبل التحويلية منافسة عالمياً، ليصبح اقتصاد قطاع الإبل أهم الموارد السعودية غير النفطية، هنا نقول للعالم: قد نجحنا في جعل «الإبل» على رأس قائمة الأعوام العالمية، بل تفوقت في رمزيتها على «الديك» الفرنسي و«الكنغر» الأسترالي و«الدب» الروسي و«النسر» الأمريكي.