سمر المقرن
مع ثورة التكنولوجيا الحالية أصبحت الهواتف الذكية والأجهزة الرقمية جزءا لا يتجزأ من حياة الأطفال، فهي تُقدم لهم على طبق من فضة! محتوى تفاعليا ومتنوعا ومستمرا، وعوالم افتراضية ثرية جداً وممتعة بالنسبة لهم، لأنها تُحفز وتُشبع خيالهم وفضولهم، وتوفر لهم تجارب تعليمية ممتعة تخاطب احتياجاتهم العقلية والإبداعية. فيرتبطون بها ارتباطاً «مريضاً» قد لا يتمكنون من الاستغناء عنه! ولاسيما أن مواقع التواصل الاجتماعي تساهم في توسيع دائرة التواصل مع أصدقائهم والآخرين وبناء علاقاتهم الاجتماعية والحفاظ عليها، إلا أن كل ذلك قد يعزلهم عن العالم الواقعي ويزيد من احتمالية إدمان الهواتف الذكية بما يشبه الظاهرة الجوية التي تُصلح أرضاً وتتلف أخرى. فإذا كانت ثورة الإنترنت قد وهبت الأجيال الصغيرة قدرة واسعة على المعرفة والتعليم وتوسيع مداركهم ودائرة اهتمامهم، فإنها أيضاً قد تصبح وبالاً على مستخدميها سواء من الكبار أو الصغار، أيضاً عندما يتحولون إلى مدمني انترنت وأجهزة ذكية، وهنا تقع الطامة الكبرى!
اطلعت مؤخراً على دراسة حديثة تخص الأطفال في المملكة، تشير إلى أن تقرير إنترنت السعودية لـ2022 يؤكد أن 98.9% من مستخدمي الإنترنت هم الفئة العمرية من 10 إلى 14 سنة، وأن 97.9% من استخدام الإنترنت يتم عبر الأجهزة الذكية.
ناقوس خطر قادني إلى البحث عن وصف وحلول لإدمان الأطفال للأجهزة الذكية فوجدت كتابا بعنوان أطفال العصر الرقمي للدكتور الأمريكي مارتن ال كوتشر، يقدم مؤلف الكتاب المعلومات الأساسية اللازمة لاستيعاب وتحجيم الاستخدام المفرط للانترنت التي تؤثر سلبا على السلوك والحياة الأسرية والصحة البدنية، ويستعرض الأبحاث العصبية والتربوية والنفسية في هذا الصدد مفجراً قنبلة تؤكد أن معظم حالات نقص الانتباه وفرط النشاط وطيف التوحد ناتجة عن إدمان الإنترنت مشيراً إلى أن معظم الميول العدوانية لدى الأطفال ناتجة عن استخدام العاب الفيديو العنيفة، ويضع المؤلف استراتيجية للطريقة المثلى لاستخدام الأطفال للإنترنت موضحاً طرق التخلص من إدمان الاجهزة الرقمية، ويقدم المؤلف عدة نصائح لعلاج إدمان الهواتف الذكية عند الاطفال أهمها ضرورة تفعيل الإشراف التربوي على الوقت المحدد للأطفال لاستخدامهم هذه الأجهزة مع تشجيع الأنشطة البديلة للهواتف مثل ممارسة الرياضة بأنواعها، أوالقراءة أوالأعمال الفنية واليدوية.
ويواصل المؤلف بأن التواصل العائلي والنشأة السليمة نفسياً بعيداً عن المشاكل العائلية التي تؤثر سلباً على الأطفال وعدم استخدام العنف في تربية الأطفال وتشجيعهم على التفوق العلمي ومراقبتهم عن بعد والروح الأسرية الدافئة والقيام برحلات مستمرة تستقطب الأطفال بعيداً عن إدمان الأجهزة الإلكترونية المميت!