مها محمد الشريف
الرئيس الفرنسي يشدِّد على دعم أوروبا لأوكرانيا ولا يستبعد إرسال قوات لهزيمة روسيا، حيث كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه من غير المستبعد إرسال قوات برية غربية لإلحاق الهزيمة بروسيا. وأكد ماكرون أن هناك إجماعاً أوروبياً على ضرورة الاستعداد لهجوم روسي محتمل على الدول الأوروبية في السنوات المقبلة. وتحاول الدول الأوروبية إظهار وتقديم مزيد من الدعم لكييف في ظل تأخر المساعدات الأمريكية نتيجة خلافات سياسية مستمرة في الكونغرس.
ماذا لو قررت أوروبا مهاجمة روسيا؟ كلتا الفرقتين الغربية والروسية تريد أن ترى المهاجم يعاقب ويتحمّل المسؤولية عن جميع الأضرار، وماكرون قدّم شرحاً متكاملاً لوجهة نظره هذه، في الوقت الذي تتخذ فيه العديد من الدول والحكومات في الشرق الأوسط مساعي دولية لتهدئة النزاعات والأزمات المستمرة لتغيير المواقف المتشنجة التي زادت حدتها بسبب الحرب المكلفة في أوكرانيا وإبادة غزة، فبعد سلسلة من الحوادث المأساوية تزايدت التكاليف وتضاعف عدد ضحايا الحرب.
ومما يعادل ذلك في الأهمية تغير العالم بطريقة عميقة في كثير من جوانب الحياة السياسية والاقتصادية، فالدول الكبرى تعتمد على القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية حتى أصبحت هذه القوة موزعة بين البلدان على نمط يشبه لعبة شطرنج معقدة فعلى الرقعة العليا للقضايا السياسية تمارس سيطرة أكبر بكثير مما تمارسه في السابق وتعزز نفوذها السائد للتفرد الأحادي إلى حد كبير لتكون السياسات الغربية ذات مصلحة ضيقة تقدم الحلول بطرق متغطرسة.
وهذا يمثّل الجانب المظلم من السياسة الدولية، وتعجز الطبيعة الحقيقية لمهام السياسة الخارجية التي يواجهها العالم اليوم، ولم يعد هناك ما يثبت استعداداً للاستثمار الجدي في أدوات بناء الأمم وحسن سياستها كبديل للقوة العسكرية، فإسرائيل تعبث بأمن الشرق الأوسط وتجتاح المدن الفلسطينية وتهجر وتقتل أهلها دون رادع.
وكل شيء يخبر أن السياسات الغربية تتداخل مع بعضها وتعزز بعضها بعضاً لتدمير قواعد السلام المنشود لجعل العالم مكاناً آمناً للديموقراطية، مسؤولون أميركيون، قالوا إن الولايات المتحدة تعاني من «ضعف استخباراتي» كبير في اليمن، ما يُعيق محاولات القوات الأميركية، وقف هجمات الحوثيين على السّفن في البحر الأحمر، في ظلّ غياب معلومات عن ترسانة (الجماعة) وتأثير الضربات الأخيرة على قدراتها.
نقلت ذلك صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن محاولة الجيش الأميركي وقف هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تعرقلها المعلومات الاستخباراتية غير الكافية بشأن ترسانة المسلحين وقدراتهم الكاملة»، من هنا يجدر القول: إن المجال الذي تستطيع فيه الولايات المتحدة أن تفعل أكبر شيء في المدى القريب هو تعديل أسلوب السياسة الخارجية ومادتها.
ومن الواضح أن هناك أوقاتاً تخدم فيها السياسات الخارجية مصالحها الأساسية ولا يمكن تغييرها ولا ينبغي تغييرها في قناعاتهم العميقة، رغم الأحداث والمتغيرات الكثيرة، فليست هناك حاجة لإظهار القوة والتفوق للحلفاء، فهي تظل مصدراً مهماً في السياسة العالمية رغم كل شيء بدلاً من الانهماك في جهود غير طائلة لتجاهل أمن وسلامة منطقة الشرق الأوسط والعالم ككل.