عمر إبراهيم الرشيد
وهلَّ علينا شهر الرحمة والبركات، هذا الضيف العزيز الكريم، بأجوائه وما يعود به من ذكريات وشجون. وأجدها مناسبة لتناول نوع آخر من الصيام وإن كان له علاقة بالصيام الشرعي، من حيث تهذيب النفس والسمو بالروح عن كل ما يجرح هذه العبادة. وأقصد هنا الصيام الإلكتروني؛ وهو الابتعاد عن الأجهزة اللوحية والهاتف الذكي ومعها منصات الإعلام الاجتماعي وروابط الشبكة العنكبوتية، واستبدالها باستعادة الهدوء وإراحة الأعصاب ومنح النفس الخلوة مع كتاب الله الكريم، والعودة إلى الكتب المطبوعة وأجواء القراءة الحرة.
وهذا النوع من الصيام سبق وكتبت عنه في قصة عائلة أمريكية قرر رب الأسرة الاستغناء عن هذه الأجهزة والقنوات التلفازية، في بيت ريفي بعيداً عن ضوضاء المدينة، فكان أن عاد أبناء الأسرة إلى ممارسة هواياتهم التي حرموا أنفسهم منها، من قراءة ورسم وأعمال نجارة وغيرها. ولقد ذكر مجموعة من السعوديين في مقابلة مع إحدى القنوات تجربتهم في هذا الصيام الإلكتروني، واستفادتهم من أوقاتهم وإراحة أدمغتهم وأعصابهم واستعادة هدوئهم النفسي والعصبي.
شهر رمضان مدرسة أخلاقية ونفسية، وطبية ورياضية، تغسل النفوس والعقول وتعيد الأجسام إلى فطرتها، ولا أجل وأفضل من هذا الشهر الكريم للصيام الإلكتروني كذلك والابتعاد قدر الإمكان عن أتون هذه الثورة الرقمية ومنصات الإعلام الاجتماعي تحديداً، وكل عام وأنتم بخير.