علي الخزيم
- حالتان مررت بهما بمواقع مختلفة فيما يخص خطبة الجمعة ومواعظ رمضان الكريم التي يُلقيها أئمَّة المساجد على المأمومين بالغالب بعد صلاة كل عصر، وكذلك يتطوع من له الأهلية أحياناً ليلقي موعظة بعد صلاة التراويح نهايات الأسابيع كأمسيات الخميس والجُمع.
- الحالة الأولى مررت بها (منذ أمد) وكانت خطبة جمعة حيث كان الخطيب يناقش مسألة اجتماعية ويُنبّه المصلين إلى أثرها السلبي على الأسرة والمجتمع فاستشهد بمادة صحفية منشورة صباح ذاك اليوم؛ ما يدل على متابعته لمستجدات الأمور والتجديد بالطرح، والثانية لإمام كان يقرأ بعد الصلاة من كتاب يبدو أنه عتيق نال منه الزمن وتمَّت إعادة إلصاق غلافه عدة مرات للحيلولة دون سقوط أوراقه؛ والمُحتوى مِمَّا يُكرر في مواعظ كثيرة حتى أن جُلَّها بات محفوظاً بالصدور؛ وهي وإن كانت مادة جيدة حين تدوينها إلَّا أن الواقع مُتغير بمستوى الوعي والفهم.
- ليس من المناسب مخاطبة الناس بطريقة مُكررة باختيار كتاب عتيق وإن كان بمحتوى مفيد نسبياً لقراءة بعض مضامينه على مسامع الحضور بزعم أنها موعظة وتذكير للغافلين، فهذا النهج قد لا يؤدي الغرض المقصود منه تماماً، فالأجدى مخاطبة الناس بقدر عقولهم واختيار ما يناسب (واقع الناس ومآلات الأحوال) وهو مَنَاط التَّفقّه بالدين وإحاطة الناس بما يخفى عليهم منه، وتذكيرهم بما يحيط بهم من مشكلات وأخطاء وملابسات بالتعاملات والعلاقات والتقاضي والحقوق بين الناس؛ مما تهمنا معرفته في حياتنا الآنية.
- سيكون من المفيد جداً الشجاعة والإخلاص بالطرح المناسب المتجدد أثناء هذه المواعظ عن قضايا تُعلنها الجهات المختصة بالنزاهة وضبط المتجاوزين على الأنظمة من تزوير صكوك الأراضي؛ ومِمَّن؟ من مؤتمنين على الحقوق يُفترض - بل الواجب - أنهم أول من يتصدى لهذا الجرم المُشِين فإذا بهم كحارس المال السارق والعياذ بالله! وكذلك ما شابه كالتزوير وغسيل الأموال والرشوة؛ إلى آخر قائمة التجاوزات والجرائم، ولا بأس حين ذاك الاستشهاد بآيات كريمات وبما ثَبَت وصَحّ من أحاديث شريفة مناسبة للموضوع.
- إن كان الحديث عن فضل الشهر الكريم ووجوب الصلاة والزكاة وبقية الأركان، وكذلك الطهارة والهدوء والسكينة حين الصلاة مما يهم المسلم معرفته؟ فإني قد أجتهد بالقول: إن هذه مسائل - وإن حَسُن التَّذكير بها - باتت معروفة ولله الحمد حتى لدى الأطفال بسبب التقدم المعرفي والتطور التعليمي التحصيلي، فقد كانت بالسابق مما يلزم طرحه نظراً للأمية المتفشية لدى بعض المجتمعات الإسلامية، أما بوقتنا الراهن فالأمر يتطلب التذكير والتوجيه والتحذير من مخالفات وتجاوزات مُشاهَدة قد يكون أكثرها خطراً على الدين والمروءة والأخلاق.
- وقد يَحسُن الحديث بأنه: لا اكتمال لأجر الصيام إذا أعقبه عقوق وقطيعة رحم واجتراء على المحارم والنيل من الأعراض والمُخاتلة والغدر والتَّخبيب؛ وحَذّروهم من الابتزاز والإيذاء والتسلط على المرؤوسين، والصلاة بأرض أو منزل مُغتصب، وأكل حق يتيم أو أرملة، واحتكار البضائع والمواد الغذائية والتزوير بالأسعار، نَبّهوهم أن اللطف والابتسامة بيننا والرفق بالخدم والعُمَّال من أعظم الصدقات، جددوا خطابكم يرحمكم الله.