عثمان بن حمد أباالخيل
في حياتنا الاجتماعية هناك مصطلحات يستخدمها بعضهم أحيانا هما الخطوط الحمراء ونقطة اللاعودة، ربما هذان المصطلحان في عالم السياسة أكثر استعمالاً. مجازًا سوف أستخدمهما إن صح الاستخدام. الخط الأحمر خط وهو يحدده الإنسان بمثابة خط فاصل لا يجوز تجاوزه، أما نقطة اللاعودة نقطة نفقد بعدها رغبتنا في العودة للطرف الآخر أيا كان، ونفقد إحساسنا تجاههم حتى مع عودتهم. نقطة اللاعودة لا تحتاج إلى صدمة نفسية أوعاطفية إنما هو قرار يريح الإنسان ويتخلص من تبعيات ما يمر به من ألم، من أسوأ المواقف التردد حين يصبح التردد قاتلاً وفي نفس الوقت التردد أحياناً يعطينا فرصة للتأكد من قراراتنا صحيحة وواقعية وليس فيها ظلم للنفس ولا تعدِّ على الطرف الآخر الذي يظن أنه على صواب. بعضهم يضع خطوطا حمراء في حياته لكنه سرعان ما يأخذ الخطوط إلى الوراء، وهذا مرده عدم وضع الخطوط الحمراء في مكانها الصحيح.
(بلغ السَّيلُ الزُّبى)، القائل هو الشاعر أبو الوليد ابن زيدون، الكثير من الناس يشعرون ويعيشون حالة بلوغ الزُبْيَة في حياتهم التي تحولت إلى حياة لا تطاق، لذا فهم يقررون نقطة اللاعودة التي ربما تكون قاسية موجعة لبعضهم لكن لا بد منها، وهي ليست نهاية الحياة ربما هي في الاتجاه الصحيح لحياة جميلة. بالتأكيد نقطة اللاعودة بين الأزواج هو الطلاق، وربما الطلاق العاطفي، ونقطة اللاعودة بين الأصدقاء هو التخلص من كابوس العلاقة المسمومة، الموظف الذي يقدم استقالته ليس كرهاً بالوظيفة، بل بسبب المدير غير الكفء المتغطرس وصل إلى نقطة اللاعودة. الكثير من الناس وفي كافة شرائح المجتمع شعارهم «لا تتجاوزْ الخطوطَ الحمراءَ» لكنهم في واقع الأمر يأخذها للوراء خوفاً من المواجهة ودليل على عدم الثقة في النفس والقرار. حيث إن هناك خطوطا حمراءَ في حياتنا، فإن هناك خطوطا خضراءَ، لا بد أنْ تعرف متى تسمح للآخرين بالتدخل في حياتك من خلال الضوء الأخضر. من الطبيعي تختلف وضع الخطوط الحمراء من إنسان إلى آخرويعتمد ذلك على القيم والمعتقدات الشخصية والقناعات. من أقوال الشاعر أحمد شوقي:(ما أَوْلَعُ النّاس بالنّاس، يشتَغلُ أحدُهُم بشُؤونِ أخِيه، وفي أيسَرِ شأنِهِ ما يُلْهِيه). نصيحة احترام الخطوط الحمراء للإنسان الذي يقع في دائرة حياتك يجنبك الكثير من المتاعب والمشاكل.
اتخاذ قرار نقطة اللاعودة قرار مصيري في حياة الإنسان لكنه قرار مجدٍ مريح مع مرور الأيام، كم من مآسٍ ومشاكل وعدم احترام النفس في التردد في اتخاذ القرار، شخصيا لا تساوم على عزة نفسك وكرامتها فبعدها تدخل في دهاليز الندم وتأنيب الضمير. خلف الأسوار العالية هناك الكثير من الزوجات المظلومات اللاتي يترددن في قرار نقطة اللاعودة ليس حباً في الزوج المستهتر الفوضوي الأحمق لكن خوفا على فلذات كبدها فمتي يحين الوقت وتواجهه الحقيقة. «ككل الضعفاء اختار الهرب عوض المواجهة». (الطاهر بن جلون).