د.عبدالعزيز بن سعود العمر
العنصرية هي باختصار الاعتقاد بأن مجموعة أوفئة بشرية أرفع وأرقى من غيرها، وللعنصرية عدة صور، ومنها التحيز الأعمى لمذهب ديني، أو عرق، أو قبيلة. ظهرت العنصرية البشعة في بداية القرن العشرين، في قلب حضارة اليوم (الولايات المتحدة)، بل إن مجتمع النخبة هناك
(الجامعات) لم يسلم من العنصرية، فقد كان لا يسمح للطلاب السود بدخول مباني الجامعة لتقديم ملفاتهم أثناء فترة القبول، وكان على الطلاب السود تسليم ملفاتهم عبر شباك خارجي فقط، دعوني أشير إلى موقف تعليمي بطلته إحدى المعلمات في مدرسة متوسطة أمريكية.
دخلت هذه المعلمة صفها للمرة الأولى، وطلبت بوجه عابس متجهم من الطلاب السود الجالسين في الصف الأمامي الرجوع إلى الصف الأخير، وفي الوقت نفسه طلبت بكل لطف وبوجه باسم من الطلاب البيض الجالسين في الصف الأخير الانتقال إلى الصف الأمامي، وكانت تساعد الطلاب البيض في الانتقال من الصف الخلفي إلى الصف الأمامي بحمل بعض أغراضهم المدرسية، لكنها لم تفعل الشيء نفسه مع الطلاب السود.
في هذه الأثناء شعر الطلاب السود أن معلمتهم تمارس كراهية ضدهم، مما أثار لديهم قلقًا وحنقًا على معلمتهم. لكن المعلمة فاجأت طلابها بقولها إن درس اليوم سيكون عن (التمييز العنصري) الذي ظهر في مجتمعنا الأمريكي في حقبة ماضية، ثم سارعت بالاعتذار من الطلاب السود، بل وسارعت بإعادة الطلاب السود والطلاب البيض إلى مقاعدهم السابقة.
يا لها من معلمة محترفة، قدمت لطلابها درساً انحفر في أدمغتهم. وفي الشأن نفسه دعوني أذكر الموقف التالي، كان عضو هيئة تدريس من ذوي البشرة السوداء يروي لعميد كليته قصة رفض كليته قبول أمه رغم أنها تخرَّجت من الثانوية العامة بتقدير يفوق كل قريناتها المقبولات، أبدى العميد لزميله أسفه وعرض على عضو هيئة التدريس قبول أمه في أي برنامج تختاره، ودون أن تدفع أية رسوم جامعية، وبالفعل تقدمت الأم وقبلت قي الجامعة وتخرَّجت من الجامعة وأقامت لها الجامعة حفلاً خاصاً.
ولو انتقلنا إلى المجتمعات الشرقية فسنجد أن التمييز القبلي والمذهبي كان هو السائد في وقت من الأوقات، وفي هذا الشأن قدم التعليم جهوداً مميزة, ولم يكن التغيير في هذا الشأن سهلاً إطلاقاً، وذلك لكون الانتماء القبلي والمذهبي كان متجذِّرا في المجتمع.