تغريد إبراهيم الطاسان
في أحدث تقرير اقتصادي عن الناتج المحلي تبين أن الأنشطة غير النفطية سجلت 50 % من الناتج المحلي الحقيقي في 2023» في خطوة تاريخية تعكس التحول الاقتصادي الذي يشهده اقتصاد بلادنا، وأظهرت الأرقام الجديدة مستوى غير مسبوق في تاريخ هذا الوطن المبارك وتنوع إيراداته وناتجه القومي..
ومنذ إطلاق رؤية المملكة 2030، كانت هناك جهود مكثفة لتنويع الاقتصاد بعيدًا عن الاعتماد الكلي على النفط. وقد أسفرت هذه الجهود عن تحقيق نتائج مذهلة، حيث تم تعزيز الاستثمار في مجموعة متنوعة من القطاعات مثل السياحة، والترفيه، والتكنولوجيا، والصناعات والقطاعات الخدماتية، والتعليمية، والصحية. لتعكس هذه الأرقام التحول الكبير في هيكل الاقتصاد السعودي، حيث كان الاعتماد السابق على النفط هو السمة البارزة للاقتصاد. ومع ذلك، بفضل رؤية المملكة 2030 والتزامها بالتنويع الاقتصادي، تم تحقيق نقلة نوعية في توزيع الناتج المحلي السعودي. يعزز هذا التحول الاقتصادي السعودي مكانتها كلاعب اقتصادي رائد في المنطقة وعلى الساحة العالمية. كما أنه يفتح آفاقًا جديدة للنمو والتنمية المستدامة في المملكة. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو الحفاظ على هذا التوجه الإيجابي وضمان استمرارية تنويع الاقتصاد وتحقيق نمو مستدام في المستقبل.
وقد شهد العالم خلال السنوات الأخيرة تحولات في الصناعة الترفيهية والسياحية غير مسبوقة واكبتها نقلات هائلة في ما يُعرف بصناعة الترفيه بالذات، التي باتت تمثل أهمية كبيرة، باعتبار الترفيه بات أحد أهم جوانب حياة الإنسان، ويسهم بشكل كبير في تخفيف ضغوط حياته اليومية، ورفع مستوى سعادة الإنسان ومنحه طاقة إيجابية وتوازنًا نفسيًّا وعاطفيًّا، إضافة إلى تنمية وتنشيط علاقاته الاجتماعية، ولعل هذا ما جعل الترفيه يحظى باهتمام متزايد في كل دول العالم، لقناعتها وإيمانها التام بأهمية هذه الصناعة في دعم العديد من القطاعات التنموية، عطفًا على ما تقدمه من دعم مميز للناتج المحلي وتعزيز اقتصاداتها الوطنية، بصفتها محركًا رئيسًا للأنشطة الاقتصادية الأخرى كالسياحة وجذب الاستثمارات الأجنبية وتوليد الوظائف وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وكجزء من هذا العالم، وفي محاولة لاتباع خطى العديد من البُلدان الرائدة في هذه الصناعة، فقد أولت السعودية اهتمامًا خاصًا لقطاع الترفيه، الذي بات يحتل حيزًا أساسيًّا من رؤية المملكة 2030 ضمن محور مفهوم جودة الحياة، حيث تستهدف من خلاله تحسين نمط عيش المواطنين، والأهم تنويع مصادر الدخل ودعم الاقتصاد، ولعل هذا ما عبّر عنه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، معتبرًا أن إنشاء صناعة تسلية وترفيه سيساعد في تنويع مصادر دخل المملكة، إذ إن تطوير السياحة والترفيه في المملكة سيوفر نحو 22 مليار دولار من الأموال التي ينفقها السعوديون في الخارج. والحق يقال.. منذ تأسيس الهيئة العامة للترفيه، ونحن نرى ونلامس تطوّرًا مذهلًا في هذا القطاع .. ونموًّا بسير بوتيرة متسارعة، حيث أسهمت الهيئة خلال فترة وجيزة في تأسيس منظومة متكاملة وداعمة للترفيه، نجحت في صنع فارق بهذا القطاع، وذلك عبر جهودها الكبيرة والمتواصلة لتقديم تجربة ترفيهية عالية الجودة وفتح آفاق جديدة لجودة الحياة التي تمس المواطنين بشكل مباشر، مثل الرياضة والثقافة والتراث والفنون والترفيه والترويح ونحوها وهو ما مكّن الهيئة من القفز بصناعة الترفيه بشكل غير مسبوق استطاعت معه جذب ملايين الزوار من جميع أنحاء العالم. وللحق أيضًا.. فإن قطاع الترفية مشكورا لم يؤثر إيجابًا في النمو الاقتصادي فقط.. إنما تعدى ذلك إلى احداث تغيرات اجتماعية إيجابية داخل المجتمع السعودي..
حيث إن التنوع الكبير في الأنشطة والتجارب الفريدة التي تقدمها، وابتكاراتها المتعددة في إطلاق العديد من الفعاليات والمبادرات التي تعكس رؤية المملكة الطموحة نحو التطور الترفيهي، فقد لمسنا جميعًا جهود هيئة الترفيه والتي أثمرت خلال مدة وجيزة عن تعظيم أثر اقتصادنا الوطني حيث أصبحت هذه الصناعة رافدًا مهمًّا له، فالترفيه لم يكن يومًا لمجرد الترفيه بلا هدف أو أثر، ومن هذه الهدف تخطت منجزات الترفيه حاجز التوقعات حققت الغاية، بل وتجاوزتها لتصبح قطاعًا نشطًا محركًا وداعمًا للنمو الاقتصادي بالمملكة من خلال تعزيز الإيرادات غير النفطية، ومن المتوقع أن تواصل مساهمة هذا القطاع الحيوي مع الجهات المرتبطة به الارتفاع وصولا إلى 4.2 % من الناتج المحلي بحلول 2030. والحقيقة أنه في ظل التطويرات والإبداعات التي شهدتها الأعوام الأخيرة للهيئة العامة للترفيه، وما تقدمه من تجربة ترفيهية متكاملة تلبي تطلعات واحتياجات الأفراد في المملكة والعالم، وما حققته حتى اليوم من نتائج متلاحقة ومتتابعة تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن الترفيه سيحظى بمستقبل مشرق في تحقيق الأرقام القياسية المميزة بأن يصبح أحد الروافد الاقتصادية المهمة في المملكة بإسهاماته التي تنمو بشكل متسارع في الناتج المحلي، وهو ما سيساهم بإذن الله في جذب الأضواء نحو المملكة، وتعزيز مكانتها كوجهة ترفيهية رئيسية، بل ومنافسة وجهات ترفيهية جهات عالمية رائدة في هذا المجال، وذلك بفضل موقعها الجغرافي ومعالمها واستثماراتها الضخمة في البنية التحتية. وإخلاص القائمين على هذا القطاع الذين أبهرونا بمنافسة لا ند لهم فيها إلا هم.