د. محمد عبدالله الخازم
رمضان مبارك للجميع. ككاتب على مدى سنوات تمر بنا بعض مواقف، بعضها صعبة مثل الإيقافات والشكاوى وأخرى طريفة. نختار اليوم بعض المواقف الخفيفة...
خطأ كتابة الاسم. كتبت مقالاً أشيد فيه بمسؤول في إحدى المناطق، لكنني أخطات في كتابة الاسم بشكل صحيح. نبهت إلى ذلك، فقمت بالإشارة إليه في مقال لاحق ومرة أخرى نشر الاسم بشكل غير صحيح، لكن هذه المرة لم أكن السبب في ذلك وإنما التحرير أو التدقيق اللغوي في الجريدة باعتقادهم أنني ربما أخطأت في كتابة الاسم. اتصل مدير مكتبه مرة أخرى معاتباً مهدداً «لا أنت واضح مصر على ذلك»!
تواصلت مع المسؤول لاحقاً؛ ضحكنا حول أسمائنا واحتماليات الخطأ في كتابتها وكان قلبه أكثر محبة وتجاوزاً، مقارنة بالحراس والمقربين حوله أو من أسميهم خبراء (الوسوسة) للمسؤول!
تجربة تحريرية طريفة. توليت تحرير ملحق طبي بإحدى المجلات الأسبوعية المحلية وأعلنا عن صفحة للقراء نستقبل فيها أسئلتهم ونعرضها على أطباء خبراء. لم تصلني أسئلة من القراء، فذهبت لرئيس التحرير أستعين برأيه، قال لي: عليك تأليف أسئلة ونشرها بأسماء وهمية؛ أي اسم ثلاثي، أو اسم أول مع اسم القبيلة، مع ضرورة الموازنة بين أسئلة القراء والقارئات الوهميين. تكرر الأمر، نادراً ما تأتي أسئلة من القراء، مللت تأليف الأسئلة والبحث عن الإجابات. عموماً، كانت تجربة قصيرة مع تلك المجلة!
حينما تكون المهمة تعبئة الفراغ، فلا بأس في بعض الحيل الصحفية!
أكلة في غير محلها. كتبت مقالاً على شكل قصة بطلتها فتاة من أهل القطيف، واستعنت (بالنت) في البحث عن أكلاتهم فذكرت أحدها بما يتوافق مع السرد. الموقف المحرج، كان في ذكر أكلة تؤكل في مناسبات (حزينة) محددة في سياق فرح بعودة الابنة واستقبال العائلة لها. للأسف، الموضوع وإن بدا صغيراً له حساسيته الثقافية في ذلك الزمن.
كانت فرصة البعض للتأويل السلبي، لكن أصدقائي من المنطقة تفهموا الأمر بحسن نية وتحويله إلى دعابة.
صالات الأفراح. كتبت مقالاً عن إحدى المناطق وذكرت انطباعي بأنني زرت المنطقة وشاهدت عدداً كبيراً من صالات الأفراح لكنني لم أشاهد مباني مشاريع مماثلة. كانت مجرد جملة (تلطيفية) عابرة. فوجئت بغضب عارم من أحد مسؤولي الإمارة ووصول شكواه لوالدي - رحمه الله - بأنني أستقصده في ذلك المقال. لماذا؟ لأنه يملك وأسرته أكثر من صالة أفراح في المنطقة. لم يصدقونني أنها كانت (رمية) عشوائية.
ليس جديداً، يتصور البعض أنني أشاور أسرتي أو رئيسي في العمل أو شيخ القبيلة في ما أكتبه، والبعض يستنجد بهم لصرف قلمي في الكتابة عنهم!
أغلى هدية. أغلى هدية وأحب أختم بها المقال، وصلتني - ككاتب - كانت من أحد أهالي الجوف الكرام. كتبت مقالاً «الجوف تستحق أكثر»، ففوجئت باتصاله، دون معرفة سابقة، يشكر اهتمامي بالجوف - رغم أنها كتابة نقدية- ويؤكد تقديره ببعث هدية. حاولت ثنيه عن ذلك وكلماته العطرة هي أكبر تقدير لي، فأجاب بأن الأمر حسم والهدية في الطريق، موضحاً أنها من منتوج مزرعته وبالتالي «ماهناك كلافة» كما قال. بعثها على جمرك المطار لأنه لا يعرف عنواني. كانت (تنكة) زيتون ممتاز، أكثر من احتياجي - كأسرة صغيرة - لذا كانت هدية لي وللجيران الكرام. ليس غريباً كرم أهل الجوف؛ ولعل ذلك القاريء يتذكر فيبتسم ويتقبل امتناني وشكري وشكر الجيران، مكرراً.
كثر يصفقون للنقد عندما يكون للغير، ويغضبون حين يكون لهم أو للمقربين منهم. ذلك القاريء قال العكس؛ شكرني لنقد «الجوف» الغالي!