خالد بن حمد المالك
تحتل إسرائيل مزارع شبعا في لبنان، ومرتفعات الجولان السورية، وجميع الأراضي الفلسطينية، وتمارس القمع لكل من يتحرك مطالباً بالتحرر من قبضة العدو وسيطرته على أراضيه المحتلة، بدليل ما يجري في قطاع غزة والضفة الغربية في فلسطين، وفي الأراضي السورية المحتلة، وكذلك الأراضي اللبنانية، ومع ذلك تتحدث إسرائيل عن أن اعتداءاتها هي من باب الدفاع عن النفس.
* *
وتأتي أمريكا وحلفاؤها الدول الأوروبية ليتطابق موقفهم مع إسرائيل، دعماً ومناصرة والتصديق على ما تدعيه تل أبيب، متجاهلين أنها دولة محتلة، وأن هذه المعارك والاعتداءات المتكررة يمكن أن تتوقف نهائياً لو تركت إسرائيل ما ليس لها به حق من الأراضي، ورحلت إلى حدود ما قبل حرب 1967م، غير أن لأمريكا والدول الأوروبية مصالحها من تعضيد إسرائيل، وتكريس احتلالها غير المشروع للأراضي العربية.
* *
ورغم مرور 75 عاماً منذ الاحتلال الإسرائيلي، وآلاف القتلى من الفلسطينيين المقاومين والمدنيين، وما يقابله من عدم استقرار في إسرائيل، والرعب الذي يلازم سكانها من اليهود، فإنها ظلت متمسكة برفض إعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة بدولة لهم على أراضي حدود 1967م، كما هو موقفها في رفض الانسحاب من الأراضي اللبنانية والسورية المحتلتين.
* *
ولولا أن إسرائيل تجد ما يشجعها على استمرار العدوان، والتمسك باحتلال أراضي الغير، بوضع واشنطن الترسانة العسكرية الأمريكية بتصرف تل أبيب، لما ظلت إلى اليوم وبعد كل هذه السنوات لا تعترف بالحقوق الفلسطينية المشروعة، ولا تستجيب لقرارات الشرعية الدولية، فهي في حماية واشنطن من عدم تنفيذ أي عقوبات تصدر كان يمكن أن تصدر ضد هذه الدولة المتمردة المستثناة من تطبيق أي إدانة لجرائمها.
* *
ولأن الطريق الوحيد لإحلال السلام والاستقرار في المنطقة يتوقف على انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة، فإن أمريكا على ما يبدو غير مهتمة بذلك، ومثلها بريطانيا وفرنسا وألمانيا، إذ لو كانت حريصة على ذلك لتم إلزام إسرائيل بإعادة الأراضي لأصحابها من خلال القنوات والمرجعيات الدولية الملزمة وفق القوانين التي تنظم العلاقات الدولية، وتصون حقوق الشعوب والدول.
* *
وإذا كانت أمريكا - تحديداً- صادقة في توجهها نحو خيار الدولتين، فكيف يستقيم ذلك مع إعلان إسرائيل رفضها أي توجه دولي يفضي إلى إقامة دولة للفلسطينيين دون موقف مضاد من أمريكا، بل وكيف يمكن أن نصدق أمريكا وهي مستمرة في دعم العدو الإسرائيلي لقتل الفلسطينيين، ومؤيِّدة لعملية عسكرية في رفح لتطهير ما بقي من قطاع غزة من المواطنين الفلسطينيين.
* *
فالرئيس بايدن يعلن على الملأ هذه الأيام بأنه ينتظر من إسرائيل تزويده بخطة اجتياح رفح المنتظرة، حتى يكون القتلى من المدنيين محدوداً ومشمولاً بهذه الخطة، أي أنه لا يمانع من تهجير سكان رفح المدنيين لتمكين الجيش الإسرائيلي المعتدي من مواصلة حرب الإبادة التي يقوم بها.
* *
والمضحك المبكي أن المدنيين ما إن يتركوا مواقعهم ويتوجهوا إلى حيث يطلب منهم، إلا وإذا بإسرائيل تلاحقهم، وتقتلهم جماعات وأفراداً، ولا أوضح مما فعلته في حق من كانوا في تجمع للحصول على المواد الغذائية المحدودة كميتها، فإذا بالجيش الإسرائيلي يوجه أسلحته النارية ليقتل ويصيب المئات منهم.
* *
ما يحدث في غزة، وحتى في الضفة الغربية خارج السياق الإنساني، وهو انتقام إسرائيلي أمريكي أوروبي من شعب أعزل كل جريمته أنه يطالب باستعادة أراضيه المحتلة، فحق عليه أن يُحرم من الحياة بفعل دول تحمي القتلة، وتدعمهم بالسلاح، والدعم السياسي، وهذا واضح بما لا يحتاج إلى دليل.