سهوب بغدادي
الجمال! ذلك المعيار النسبي الذي أتعب البشرية، ابتداءً من الهوس المرضي بالشكل والوزن، وصولًا إلى عمليات التجميل ووخز الإبر، لسنا ضد الإجراءات الضرورية والسعي للحفاظ على الصحة والخلقة التامة التي وهبنا الله إياها، إنما ضد التمادي والتعدي على الذات والغير، كيف أتعدى على نفسي وغيري؟ إن التعدي على النفس يكمن في التقليل من شأنها وتغيير الصبغة والعلامة الفارقة التي حبى الله كل شخص بها، أما التعدي على الآخرين، ببث وتطبيع مفهوم الجمال الأحادي، فإما ذاك وإلا فلا، كما نرى شكلًا من أشكال التعدي على الغير من خلال تحطيم الأمهات للأبناء وخاصةً الفتيات «سمري، بيضي، انحفي، اشفطي، مو لايق عليك» والعديد من التعليقات التي تدمر من نفسية الفتاة منذ نعومة أظافرها، والأدهى والأمر أن تتولى الأم مهمة البحث عن حلول لصنفرة و»سمكرة» ابنتها، فتبدأ حرب تراشق الوصفات وخلطة أم فلان وعلان، وهذا ما انتشر خلال الفترة الماضية عند تعبير إحدى الأمهات عن بالغ أسفها وحزنها من وضعها مزيجًا خاصًّا من إحدى تاجرات الخلطات الشعبية على مواقع التواصل الاجتماعي على ابنتها الرضيعة! فلم تمر بضعة أيام إلا وأصيبت الطفلة ببقع انتشرت على كافة جسدها الرقيق، فعند لجوئها للأطباء تبين أنها تسببت في إصابة فلذة كبدها بالبهاق! أليس ذلك مؤلمًا؟ فلم يكن لدى هذه الطفلة الخيار في هذا القرار الذي ستعايش وتتعايش مع تبعاته طوال حياتها، ولأجل ماذا؟ أن أكون بمظهر معين؟ أتمنى والجميع للطفلة الصحة والسلامة من قلبي.
من هذا الموطن، عزيزتي الأم، أحبي أطفالك كما هم، فليس الجميع يمتلك النعمة التي لديك، وتقبلي ما تحسبينه عيوبًا، فليس كل اختلاف عيبًا، كما يستحسن أن تقف الجهات المعنية على هذه الحالة ومايشابهها، من خلال إيجاد القوانين والضوابط لهذه الأنشطة التجارية، «تجارية» فعلًا، بحصول من يمتهن نشاطًا يتداخل مع الصحة على تصريح من وزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء وأي جهة مختصة بحسب نطاق النشاط وتداخلاته، وليتق صاحب النشاط الله فيما ينتج ويبيع للأشخاص، حمانا الله وإياكم.