مها محمد الشريف
كيف يمكن تصحيح نظام العلاقة بين الإنسان والتقنية فالذكاء الاصطناعي يمتلك القدرة على إحداث ثورة في الحروب، إذا كان الهدف من التقنية وسيلة للسيطرة على الطبيعة وتسخيرها لصالح الإنسان، فهل تحقق الهدف أم أصبح على العكس خاضعاً لسلطة هذه التقنية وسيطرتها على مصيره، وأصبحت تولّد نزاعات بشرية مختلفة على نحو لا يمكن تصوّره وأكثر فتكًا، فهل حررت التقنية المعاصرة الإنسان والطبيعة أم وضعتهما تحت هيمنتها؟، ثمة حقيقة مربكة من استخدامات الذكاء الاصطناعي في آلة الحرب بأسلحة مستقلة ذاتية التحكم لجميع أنواع الأسلحة، سواء أكانت روبوتات أو طائرات مسيّرة تتحول إلى أنظمة ذاتية التشغيل بفضل أجهزة استشعار متطورة تحكمها خوارزميات بالذكاء الاصطناعي تسمح للكمبيوتر «بالرؤية».
لقد استخدم الجيش الإسرائيلي برامج ذكاء اصطناعي متطورة في حربه على غزة، وكانت دقة بياناتها وقدرتها على تحديد الأهداف تتضمن قادة ومُسلّحي حماس، وفقاً لما ذكرت صحيفة «غارديان» البريطانية، وأوضحت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي يستخدم برنامج ذكاء اصطناعي يدعى «غوسبيل « (The Gospel)، لافتة إلى أنه تتم تغذيته بالبيانات، ليقوم باختيار «الأهداف» التي يراد قصفها في قطاع غزة، «والتي تشمل الجماعات المسلحة وقادتها».
واعتراف المسؤول العسكري الإسرائيلي بأن هذه التقنية «تساعد جنودنا في اعتراض الطائرات المسيّرة لأن (حماس) تستخدم كثيراً منها، موضحاً أن التقنية تجعل «كل جندي، حتى لو كان أعمى، قنّاصاً»، و»عدد المدنيين الأبرياء الذين لقوا حتفهم في الصراع الحالي أكثر من كل حروب غزة مجتمعة» حسب إحصائية مستشار الأمن القومي الأمريكي، لذا، تأثير التكنولوجيا المدمرة على الإنسان تقنية مخيفة يشترك فيها تجار الحروب، أم أن المرحلة المعاصرة عالم الكائن الآلي وتكنولوجيا الحرب؟.
إن الاقتراب من حافة الموت أصبح أكثر تهديداً فكل العالم شهد دمار غزة وقتل الآلاف من أهلها فالحياة اليوم أكثر خطراً بوجود الذكاء الاصطناعي في الحرب، حتى وجد الإنسان نفسه بين مقارنات أظهرت خطر الحرب بين روسيا وأوكرانيا وحرب إسرائيل على غزة، وذلك وفقاً لتقرير أصدره المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في عام 2021 عن «دبلوماسية الذكاء الاصطناعي، وحدود الاستخدام العسكري الروسي للذكاء الاصطناعي يُمكن إجمال استخدامات الذكاء الاصطناعي عسكرياً في تعزيز كفاية عمل عدد من المهام، وهي على وجه التحديد: مهام الرقابة والاستطلاع، والأمور اللوجستية، والعمليات السيبرانية، والقيادة والتَّحَكُّم، والأسلحة والمركبات «ذاتية التشغيل».
إن الكراهية الموجهة ضد الآلات ليست تعبيراً عن كراهية ما هو جديد ومفيد، بقدر ما هي رفض لواقع سيطرة شاملة وتحكم القوة بعيداً عن أية تقديرات أخلاقية وإنسانية، فالتعاون مع الاستبداد شر أعظم والأخطر تأييده، ومن الصعب تخليص الغرب من أفكاره الخاصة ويأبى أن يتحرر منها، وهم يرون أناساً يموتون بلا ذنب اقترفوه، فقد استخدم الجيش للمرة الأولى تقنية منظار تصويب معزز بالذكاء الاصطناعي طوّرته شركة «سمارت شوتر»، وزوّدت به أسلحة مثل البنادق والرشاشات. لماذا يعجز العالم عن لجم مخاطر الذكاء الاصطناعي في الحرب؟.
كثيراً ما تواجهنا الحياة بأسئلة لا نقدر على الحسم في شأنها فنجيب بقدر ما ندرك من النتائج المرتقبة، غير أنه يبدو أن من اللافت للنظر، أن إساءة استخدام هذه التكنولوجيا لصناعة أسلحة بيولوجية، وبذلك يكون تفوّق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي مدمرة، وفقدان السيطرة عليها يكثف من خطورتها.
الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون له تأثير في تشكيل السياقات السياسية التي قد تؤدي في النهاية إلى النزاعات أو الحروب، لكنه لا يمتلك دوافع بحد ذاته دون العقل المدبر الذي يسيره أو يستخدمه، حيث يعتبر مجرد أداة تقنية تعتمد على البرمجة والبيانات لتنفيذ المهام واتخاذ القرارات.