خالد بن حمد المالك
مرارة الفقد قاسية ومؤلمة، لمن هم قريبون منا والأبعدون، صعب أن تجد نفسك وقد غاب عنك من كانت له مكانة عالية في نفسك، وحضور لصفاتٍ فيه لا تغيب عن ذهنك وناظرك وذاكرتك.
* *
هؤلاء، جزء من رحلتك معهم في الحياة، جمعكم البيت وأنتم صغار، وفرّقت الأعمار ما كان يجمع بينكم المكان، لكنها لم تفرّق التواصل والتآخي والقربى، وظلت الحميمية والمحبة تُؤصّلها الأمهات، ويُعمقها الولد والبنت.
* *
الحياة رحلة عابرة، ومرور سريع مهما بلغ المرء من العمر عتياً، وأحلامها وطموحاتها، وكل جميل فيها ينتهي بمرض أو حادث مروري أو سكتة مفاجئة للقلب الذي ما أن يتوقف حتى يكون صاحبه قد استنفد حياته، ولم يعد لطبيب حيلة لإنقاذه.
* *
هكذا نحن، في صراع من أجل حياة أفضل، وأعمار نقضيها في العلم والتعلّم والعمل، وكل منا ومشواره وقدره وسبيله في حياة إن عرف الكثير من أسرارها، فإنه لا يعرف ولا يعلم يوم خاتمته فيها.
* *
أكتب هذا عن عزيزة غالية فقدتها أُسرتنا أمس، في ظروف صعبة، عشنا خلالها شهوراً نحاول أن نخفف عنها وطأة الألم المزدوج، بينما هي في عالم آخر في حسابها للوقت الذي يمر سريعاً، والانتظار الطويل دون حل.
* *
هذه هي أمّ صالح، الابنة المحبوبة لدى أسرة المالك السيدة زينب المنصور المالك، التي بكاها أمس كل أفراد أسرتي، وعاشوا لحظة إعلان وفاتها مع الذكريات الجميلة عنها، منذ بواكير شبابها وإلى أن تجاوزت التسعين عاماً من عمرها، بما لا يتكرر بين كثير من الرجال والنساء بمثل ما كانت عليه أمّ صالح من صفات إلا لأولئك الذين حباهم الله الطيبة والخلق والتواضع والكرم والأنس في المجالس، وقبل ذلك الالتزام بالدين الذي يهذّب خلق الإنسان، وهو ما كانت عليه فقيدتنا الغالية.
* *
لقد عانت أمّ صالح من وطأة كثير من الأوجاع والأمراض، ومن التردد على المستشفيات، ما نحسب أنه سوف يشفع لها -إن شاء الله- عند ربٍّ غفور رحيم، فاللهم ارزقها رضاك، وأكرمها بعفوك، واجعلها في مستقر جنتك، ولا تحرمها مما وعدت به المؤمنين الصالحين.
* *
كل أسرتي في حالة حزن ودموع وبكاء، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فاللهم لا تخيب رجاءنا، واقبل دعاءنا لها، وارحمها برحمتك وأنت أرحم الراحمين، والعزاء لنا جميعاً كما هو لأبنائها صالح ومحمد وفهد وخالد وأخواتهم، سائلاً الله -عز وجل- أن يشملهم بعد وفاة والدتهم بعنايته ولطفه وعونه ورحمته، إنه المقتدر وهو على كل شيء قدير.