محمد سليمان العنقري
مخطئ من يعتقد أن المتاجرة بالأسهم سهلة فديناميكية السوق وسرعة الحركة فيه وتدفق الأخبار والمؤثرات ضخمة جداً وهي أصول حساسة عموماً اتجاه أي حدث لكن الأصعب في الاستثمار والمضاربة في الأسهم هو آليات التقييم سواء لمؤشر السوق أو لكل سهم فالأخطاء التي يقع بها المتعاملون في السوق ممن يفترض لديهم العلم والخبرة تكون غالباً في اتباعهم لطريقة واحدة في التقييم فتجد من يعتمد مكرر الربحية بناءً على النتائج المحققة وهذا المعيار وإن كان مهماً لكنه غير كافٍ لتوقع اتجاه السهم أو مؤشر السوق فهناك معيار آخر مكرر الربح مقسوماً على النمو وفق آلية تأخذ بعين الاعتبار عدة سنوات مضت لمعرفة ماهو قادم فالأصل في التعامل مع أي سهم أو سوق هو الاستثمار للمستقبل فما تشتريه اليوم ستبيعه في قادم الأيام أو بعد شهور أو سنوات ومن يتحكم بذلك هو الاستراتيجية التي تتعامل بها مع استثمارك وأيضاً قراءة في مستقبل اقتصاد الدولة التي تستثمر بسوقها وأيضاً القطاع الذي حددت الاستثمار به وأخيراً الشركة التي يجب دراستها من كافة النواحي والأهم بعد قوائمها المالية وتقييم أداء إدارتها هو المشاريع والتوسعات التي تخطط لها.
فأي شركة ليس لديها نمو مستقبلي واضح لن تكون جاذبة للمستثمرين فشركة نيفيديا المدرجة في السوق الأمريكي وهي صانعة الرقائق الإلكترونية التي تعد حديث العالم اليوم أي محلل يعتمد مكرر الربحية لن يستثمر بها دولاراً واحداً فمكررها عند 80 مرة حالياً ولكن إقبال المستثمرين والصناديق على ضخ الأموال بها نابع من قراءة مستقبلها في صناعة الرقائق التي تخدم الذكاء الاصطناعي وهو أهم قطاع تكنولوجي حالياً بالعالم فمعدل نمو مبيعاتها والزيادة المتوقعة في نشاطها وامتلاكها للتقنية وتطوير منتجها ليواكب متطلبات القطاع ونموها السريع هو ما يجعل البعض من المحللين والمستثمرين يرون أن سعرها مازال جاذباً قياساً بنموها للسنوات القادمة وهي اليوم أصبحت ثالث أكبر شركة من حيث القيمة السوقية عالمياً ومرشحةً لتجاوز شركة آبل لتكون الثانية بعد مايكروسوفت من حيث قيمتها التي تخطت حالياً 2،3 تريليون دولار أي ما يفوق حجم اقتصاد دول مثل إيطاليا وكندا وكوريا الجنوبية.
فالعبرة من خلال ما نراه من تقييمات مرتفعة حالياً لأوراق مالية أو أسواق نابعة من عدة عوامل أهمها هو ماذا سيحدث بالمستقبل فمؤشر داو جونز أو ناسداك صدرت تحذيرات كثيرة منذ سنوات بأنهما في مرحلة فقاعة ومع ذلك استمرا بالارتفاع وفي كل مرة تظهر تبريرات لمواصلة ارتفاعهما بينما في داخل هذه المؤشرات هناك قطاعات تنهض وتنمو أرباح شركاتها وقطاعات تصحح أسعار مكوناتها وهذه هي طبيعة الأسواق التي تصبح هي الأكثر جاذبية للاستثمار أي أن الفرص فيها لا تتوقف وأن مثل هذه القراءة العميقة لكل سوق تجنب المستثمر ضياع الفرص وتجعله اقرب للواقعية في التعامل مع السوق وبذلك يحقق أهدافه من استثماره ويتجنب أيضاً المخاطر عندما يصل لقناعة بأن فرص النمو للسوق ومكوناته أصبحت ضعيفة أو ستشهد تراجعاً فيتخارج من الاستثمار قبل ظهور النتائج بفترة طويلة.