سهام القحطاني
الدراما الثقافة الحيّة للشعوب.
هل الدراما السعودية تقدّم شبابنا بأنهم مجموعة من «المهابيل»؟!.
مع التطور التنويري والنهضوي الذي تشهده السعودية تحت مظلة رؤية 2030 في جميع المجالات إلا أن الدراما السعودية تظل بعيدة عن هذا المسار التنموي وهو أمر لا يخلو من الغرابة والبحث عن الأسباب التي جمّدت حركة نهضة وتطوير الدراما السعودية رغم تاريخها العريق، ولو قسنا حركة السينما السعودية التي بدأت في الظهور المميز رغم قصر عمرها الزمني بالمقارنة بتاريخ الدراما لوجدنا المكسب في صالح السينما التي بدأت تفرض ذاتها عربياً، فما هي الأسباب التي تجعل الدراما السعودية مازالت في مرحلة «اسكتشات» لا تتجاوز روح الهواة والتجريب؟.
أولاً لنتفق أن الدراما السعودية كخامات وإمكانيات متوفرة، فلدينا الكثير من المبدعين على مستوى الكتابة الأدبية، والورق هو الأساس بلغة الدراما ولدينا منصات وقنوات إعلامية قوية.
إذن ما سبب ضعف وركاكة الدراما السعودية وتجمدها في قالب الكوميدية السمجة؟
لاشك أن الاعتماد على الدراما العربية ثم الخليجية الذي صاحب نشأة التلفزيون السعودي وحتى اليوم، جعل الدراما السعودية تأتي دائماً في الصف الأخير دوماً فمع وجود ما يملأ المساحة تهمّش الاهتمام والتركيز على صناعة دراما سعودية تتنافس مع قيمة وأهمية وفنية الدراما العربية.
صحيح أن الشبهة الدينية التي كانت تحوم حول الدراما، وسيطرة المحافظين على الإعلام كان لها أثر في تهميش صناعة الدراما السعودية، وغياب المرأة كجزء مهم من واقعية الدراما، ساهم في أثر الغياب أو الوجود الركيك والضعيف حتى في ظل الاستعانة بممثلات خليجيات أو عربيات لتغطية غياب الممثلة السعودية.
لكن هذا الوضع اختلف من أكثر من عقد، ومع ذلك تظل الدراما السعودية في دوامة التهميش.
إن استسهال اعتماد القائمين على التلفزيون السعودي لفترة طويلة على الدراما الخليجية والعربية كبديل رئيس للدراما السعودية غيّب الدراما السعودية، سواء على مستوى التواجد أو في دائرة الضوء كصناعة وكونها الجزء الحيّ من الثقافة والقوة الناعمة.
إضافة إلى ذلك غلبة كوميديا الاسكتشات التي بدأت بظهور مسلسل طاش ما طاش والذي أعتبره لعنة على الدراما السعودية لأنه رسم طريق تقليد فوضوي لهذه الدراما.
فمسلسل طاش ماطاش كان يعبر عن فترة مخصوصة اجتماعياً و ثقافياً، وكانت الدراما في ذلك الوقت قبل مواقع التواصل الاجتماعي الصوت الحيوي الوحيد الذي يصل إلى كافة فئات المجتمع، فكان أشبه بتمثيل الرأي العام، المعتمد على «النمط الكاريكاتيري» القائم على المبالغة والمباشرة أكثر من الدراما.
مع أن بدايات الدراما السعودية كانت بداية جادة مثل «دراما محمد حمزة ومحمد العلي وبكر الشدي، دراما المخرج عامر الحمود».
لكن مع ظهور طاش ما طاش والجماهيرية الكبيرة التي نالها وتمحور الدراما السعودية حول هذا النمط الكوميدي غابت الدراما الجادة، التي تعبر عن الحركة النهضوية للمجتمع السعودي، وأنا هنا لا أعيب على تواجد الكوميدية الكاريكاتيرية» التي تسيطر على الدراما السعودية أو التي تحسب نفسها أنها تمثل الدراما السعودية، فوجود هذا الفن مهم، لكن سيطرته أو تمثيله للدراما السعودية مرفوض.
إن الدراما ليست مجرد جزء من منظومة الترفيه بل هي ممثل للثقافة الحية للشعوب أو ما تُسمى «القوة الناعمة» وهي لسان وصورة المجتمعات وقياس نهضتها وحضارتها.
فالدراما هي «الترمومتر» الذي يقيس مدى تطور المجتمعات ونهضتها، إنها مرآة المجتمع.
وانطلاقاً من هذه القيمة والأهمية للدراما، لابد من تأسيس مشروع «لنهضة الدراما السعودية وتطويرها» تتقاسمه وزارة الثقافة وهيئة الترفيه.
إن الدول العظمى اليوم تفرض تأثيرها على الشعوب من خلال القوة الناعمة الدراما سواء تلفزيون أو سينما أو مسرح، والسعودية دولة عظمى يجب أن يكون لها موقع تأثير في هذه القوة خارج نطاق المهرجانات، فالدراما هي التأثير الحيّ المستدام وليست المهرجانات.
إضافة إلى أن السعودية تملك منصة تعتبر من أقوى المنصات الإعلامية على المستوى العربي وهي منصة شاهد وقنوات تحظى بثقة المواطن العربي مثل «إم بي سي»،إذن نحن تملك إمكانيات قنوات الوصول إلى العالم العربي، ورغم قوة هذا التأثير فلا نجد سوى مسلسل أو مسلسلين سعوديين طوال السنة رغم غزارة الإنتاج الدرامي العربي.
يجب أن تعبر الدراما السعودية عن مستوى التأثير والقيمة والتطور الذي تحظى بهما السعودية على المستوى الثقافي والسياحي والترفيهي عربياً وعالمياً.
فمتى يدرك القائمون على الدراما السعودية هذا المبدأ لقيمتها وتأثيرها كقوة ناعمة لإنقاذها من الكوما؟.