سهوب بغدادي
يتردد على مسامعنا حديث «إن الله جميل يحب الجمال» وقد لمسنا استخدامه في وقتنا الحالي عند التجمل والظهور بأبهى حلة ومظهر، وهذا أمر جيد، إلا أن البعض يبالغ في مفهوم الجمال والانسياق خلفه بكل السبل وجميع الأطر، على سبيل المثال مانراه من انتشار هوس عمليات التجميل، وانخراط النساء والرجال فيها على حدٍّ سواء، غافلين أم متغافلين عما يجعل الشخص جميلاً بهياً بحق، حيث ذكر لفظ الجمال وحمل مفاهيم أخرى في القرآن، ومنها: {فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا}، و{فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ}، و{وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}، و{وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا}.
فالصبر الجميل هو الصبر بلا شكوى أو تبرم، والصفح الجميل هو الصفح بلا عتاب ورفع الحرج عن الطرف المقابل، والسراح الجميل هو الفراق والطلاق دون ضرر وإضرار ومنع للحقوق، والهجر الجميل هو الهجر بلا أذى، فما أجمل هذه المعاني! فليس كل صبر صبرًا ولا كل هجر وصفح وطلاق جميل بمعنى الإحسان والعمل على التخفيف من وطأة الأمر، فالخلق الجميل أبدى من المظهر الجميل، وإن أُخذت الأخيرة بعين الاعتبار بشكل أكبر في زماننا، ولا يزال هناك خير فينا -أدامها الله- وإن هام البعض في فلك القشور، بمعزل عن الجذور.
(ومن يَنظُر بِعَين القلب يُبْصِر جَمَالاً لَيْسَ تُبْصِرُهُ العُيُوْنُ).