عبدالله إبراهيم الكعيد
حينما شاهدت برنامجاً وثائقياً عن السيارات ذاتية القيادة وكيف أنها تسير بتوجيه من حاسوب إليكتروني يرى عبر حسّاسات بالغة الدقّة ويصدر الأوامر لعجلة القيادة بالانعطاف يميناً ويساراً أو التوقف عند إشارات المرور وحتى قراءة لوحات تحديد السرعة فيلتزم قائد السيارة الخفي بتلك التوجيهات بكل دقة وطاعة عمياء. حينها تخيلت فيما لو اختفى البشر من كوكب الأرض وحلّ محلهم روبوتات وآلات وأدوات تتعايش مع بعضها البعض كما يتعايش الإنسان فكيف سيكون شكل الحياة؟
لو أوغلنا في هذا التخيّل فسوف نصاب بالهلع. ستختلف الحياة بكل مكوناتها. بانقراض البشر ستختفي المدارس والجامعات وكذا المزارع والمتاجر والمستشفيات حتى البنوك والبيوت وغيرها ليس لها من داعٍ لأن تلك الروبوتات لا تأكل ولا تتعلم ولا تمرض وليست بحاجة إلى المال أو سرر لتنام عليها ولا دورات مياه.
تلك المشاهد الفانتازية غير القابلة للحدوث من وجهة نظر كل عاقل قد فكر في حدوثها بعض ممن لهم أهداف شيطانية وسعوا ولا زالوا يسعون إلى فرضها على أرض الواقع (أي إحلال الآلة محل الإنسان) وهو ما يطلق عليها حياة ما بعد الإنسان.
إنه بالفعل أمر يدعو للتساؤل حين نرى ذلك الاندفاع المحموم لأبحاث الهندسة الوراثية وتكنولوجيا زراعة الأجسام الإليكترونية في جسد الإنسان مثل شريحة الدماغ التي يتبناها (إيلون ماسك) وعلم التحكّم الذاتي وبعض برامج الذكاء الاصطناعي. لماذا كل هذا؟ أدرك جيداً المنافع التي تصب في مصلحة الإنسان من بعض هذه المشاريع لكنها ليست كلها بريئة. تزامن هذا الركض وراء إزالة الفروق بين الإنسان والآلة أو بين الواقع والافتراضي مع فرض تعليم المثلية الجنسية والتحول الجنسي وتلبّس جنس الرجال كونهم نساءً أو نساء يؤمنّ بأنهن ذكور.
لم أك لأرغب طرح مثل هذه الحكاية بكل متخيلاتها لولا أن بعث لي أحد الأصدقاء مقطعاً لخطاب سيدة ألقته في مؤتمر (Better way,2023) تُندد فيه ما أسمته بــ(ما بعد الإنسان) أشارت فيه إلى أن كل تلك المشاريع يهدف بعضها إلى هدف نهائي هو التخلّص من الإنسان! ومن أجل الوصول إلى هذه المرحلة بدأوا بزعزعة الإنسان ذاته وتجريده من إنسانيته وغرس اليأس في نفسه عبر كل الوسائل الممكنة.
أعود للتساؤلات: بالفعل ما هو الهدف النهائي من فرض المثلية الجنسية والتحول الجندري والإصرار على هذا الفعل الشائن من قبل حكومات الغرب وخصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية وتحديداً أحزاب اليسار ومنها الحزب الديموقراطي الذي يمثله اليوم في البيت الأبيض المخرّف ولا شماته (جو بايدن)؟ هل السعي نحو تقويض أركان الأسرة وإلغاء مؤسسة الزواج الطبيعي يمكن أن يكون سعياً بريئاً يهدف إلى مزيدِ من الحُريات؟
السؤال الأهم: بالفعل ماذا يُريدون؟