رقية سليمان الهويريني
برغم قرار مجلس الوزراء المتضمن لائحة الذوق العام للمجتمع السعودي الذي يهدف لإعادة منظومة القيم التي كادت أن تتلاشى بسبب التجاوزات السلبية لبعض الأفراد وعموم السلوك الفوضوي في اللفظ والفعل بما ينافي الذوق والأصول التي ظلت إلى وقت قريب سمة الشعب السعودي. أقول برغم صدور هذا القرار إلا أن بعض الشباب والكهول يرتادون المحلات التجارية وأماكن القهوة بلباس غير مناسب! وقد يتبادلون الألفاظ البذيئة أو يمارسون التنمر على بعض الفئات والأشخاص!
ولئن رأى فريق الحرية المطلقة أن إقرار لائحة الذوق العام وتفعيلها هو تدخل في خصوصياتهم والحد من حريتهم؛ فإنها في الواقع تأصيل للذوق العام حيث لا أرغب مثل غيري بمشاهدة شخص يرتدي ملابس فوق الركبة لكلا الجنسين أو يترك إزرار قميصه مفتوحة كما يسوؤنا سماع الألفاظ النابية.
ولأن أي منظومة أخلاقية أوسلوكية تتطلب ضبطا ورقابة ومتابعة؛ فإن القرار السيادي يجعل منها قيمة يخضع الجميع لاحترامها، ومن يتملص سيكون تحت طائلة المساءلة والعقاب.
ولعلنا نتفق أنه لا يمكن أن تنجح أية تنمية ويتحقق التطوير دون تأصيل منظومة القيم وتحويلها لشبكة من السلوكيات التطبيقية القائمة على أسس علمية ومعيارية مثل احترام الذوق العام والحض على التسامح والانفتاح وقبول الآخر والسعي والعزم الجاد، مع الاستئناس بالتجارب الدولية التي استثمرت تلك المنظومة بنجاح باهر في نهضتها الاقتصادية وتحولت لمجتمع الرفاه.
إن اهتمام القيادة بسياسة معيشة الناس من خلال تهذيب الفرد وإصلاح المجتمع يعد نقلة حضارية تمارسها حكومات الدول المتقدمة في سبيل خلق التوازن والانسجام بين أفراد المجتمع ووقف حالات التنمر المجتمعي التي يمارسها بعضهم نحو الآخرين.