م. بدر بن ناصر الحمدان
تُرى، كم مرّة قرأنا أو سمعنا الحديث الشريف: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا»، ومرّ علينا دون أن نستشعر ما بين سطوره من معانٍ كفيلة بجعلنا في غاية الامتنان لله سبحانه وتعالى نظير نعم الأمان والعافية والرزق التي تستوجب على الإنسان أن يعيش في حالة دائمة من الشكر والحمد والثناء، وأن يدرب نفسه عليها كأسلوب حياة، وأن يُعظّم ما أنعم الله به عليه، وجعله كمن ملك الدنيا بأطرافها.
منظومة النِّعَم التي حبانا الله بها، تجعلنا في غاية الخجل من أنفسنا، وأن نتوقف عن التذمر أو الشكوى أو عدم الرضا على أيٍّ من أمور حياتنا، إذ إن شكر هذه النعم من أسباب بقائها ودوامها، بل إن النظر إلى حولنا ممن ابتلاهم الله بمرض أو إعاقة أو فقر أو سجن أو كدر في الحال والأحوال سيعيد تقييمنا لما نحن عليه من نعمة لن نعرف قيمتها حتى نفقدها لا سمح الله.
كل ما في هذه الحياة يدعونا إلى التأمل في نعم الله علينا، وإدراك تفاصيلها، ومدى تأثيرها، وكيف منّ الله بها علينا من غير حول منّا ولا قوة، فالإنسان أحوج لتعداد ما هو فيه من نعم، وألا يألفها أو يعتادها، حتى يشعر مع كل يوم يمر عليه بفضل الله عليه ومنته، وأن يتذوق لذتها، ويستثمرها في طاعة الله.
علينا أن ننشر «ثقافة الامتنان» إلى الله، في كل محيطنا، وفي أرجاء الأماكن التي نعيشها، ليستشعر الجميع بوجود الله في كل تفاصيل حياتهم، وليكونوا أكثر رضًا عما هم عليه، وحتى تصبح أيامهم مليئة بالتفاؤل والأمل، وأنهم بخير مهما كانت طبيعة الحياة التي يمرون بها.
هناك أشياء مشرقة في حياتنا، لم نلتفت إليها حتى الآن.