عبدالعزيز المعيرفي
أصبحت الرياض اليوم أكثر ازدحاماً مع توالد الفرص الوظيفية وجذبها للكفاءات من مختلف أنحاء المملكة والعالم، لقد أصبح الزحام المشكلة الأكثر تأثيراً على المجتمع والاقتصاد في مدينة الرياض فهي تحقق خسائر كبيرة في الوقت والجهد والكثير من التكاليف وسيبقى الازدحام متزايداً يوماً بعد يوم إذا لم نقم فوراً بالبدء بتنفيذ الحلول.
لو رجعنا لسبب الزحام الرئيسي فهو تنقل الناس وذهابهم من وإلى العمل أو الدراسة ومعظم السكان يسكنون في أحياء بعيدة عن مقرات أعمالهم وهو ما يعني أهمية البحث عن حلول تعالج أساس المشكلة وهو استكمال منظومة النقل العام وتشجيع إيجاد مجمعات إدارية جديدة على غرار العاصمة الإدارية في ماليزيا أو نقل بعض المقرات إلى خارج الرياض.
يمكن تقسيم حلول الزحام إلى أنواع منها السريعة التي يكون أثرها سريعاً كتنظيم السير باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي أو تصميم حلول هندسية للتقاطعات في الطرق المحورية أو حلول متوسطة كتوسعة الطرق وإزالة الجزيرة الوسطية ووضع خطة تصحيحية عاجلة لتعديلات هندسية لعدد من المسارات في الطرق المحورية إضافة إلى إنشاء أنفاق ضخمة أو جسور متعددة كما فعلت الصين واستطاعت أن تخفف الزحام بشكل كبير والحلول حول العالم كثيرة ومتنوعة.
أما الحلول الإستراتيجية فهي تتطلب دراسة معمقة لمستقبل التنقل في مدينة الرياض ومنها أماكن تواجد مقرات الأعمال والمقرات الحكومية ومدى إمكانية بناء عاصمة إدارية بالرياض ومواكبة ذلك بشبكة متكاملة تصل كافة أحياء الرياض. إن هذا الزحام المتزايد وارتفاع تكلفة المعيشة من إيجارات في الرياض إن استطاع إلى ذلك أصبح يدفع البعض إلى نقل عمله إلى خارج مدينة الرياض وذلك بهدف البحث عن مدينة أكثر هدوءًا وأقل زحمة.
إن تأخرنا في تنفيذ حلول مشكلة الازدحام المروري يجعل الأزمة تتزايد بحدة وخاصة أنه يؤثر بشكل مباشر في جودة الحياة من خلال مؤشر «متوسط وقت التنقل اليومي داخل المدن الخمس الكبرى» وأولها مدينة الرياض، وهناك أحياء في الرياض أصبحت مكتظة جداً بالسيارات لأنها مجاورة للطرق الرئيسية والمجمعات المكتبية، وأعتقد أن افتتاح قطار الرياض بوضعه الحالي الذي لا يغطي العديد من الأحياء لن يساهم في تخفيف الزحام إلا بنسبة 15% والتي بالتأكيد ستنقص تدريجياً مع توسع المدينة وهذا يعني أن اعتماد المرحلة الثانية والثالثة من القطار وربطه بحافلات أكثر ليشمل كافة الأحياء الجديدة أصبح مطلباً حتمياً.
أعتقد أن الجميع يشعر بالمعاناة وهناك جهود تبذل خلف الكواليس ومنها الإعلان عن هاكاثون الزحام الذي أعلن عنه مؤخراً، وما أعلنه أمين الرياض العام الماضي في لقاء تلفزيوني عن تطوير كافة الطرق المحورية والشريانية بالرياض بطول 400 كيلو ورفع كفاءتها وقدرتها على استيعاب المزيد من السيارات إضافة إلى شبكة النقل الجديدة، وهذا أمر جيد ولكن الوقت يداهمنا والزحام يزداد يوماً بعد يوم ونريد أن نرى هذه الحلول تنفذ على أرض الواقع.
لذلك أتمنى أن يتم تكوين لجنة وزارية معنية بالإشراف على الازدحام المروري على غرار لجنة السلامة المرورية بحيث تكون مكونة من الهيئة الملكية بمدينة الرياض وأمانة الرياض ووزارة الداخلية ووزارة النقل والخدمات اللوجستية وسدايا تقوم بمتابعة تنفيذ الحلول وتذليل العقبات التي تواجه الجهات الحكومية.