د.مدحت العزب
في يوم مبارك عظيم، كان القدر على موعد مع حدث هام جليل، وهو يوم مبارك لأنه الخامس عشر من شهر ذي الحجة سنة 1405 هجرياً، شهر الحج الأعظم شعيرة الإسلام الكبرى، وفي فرحة أحد أيام عيد الأضحى المبارك، وهو يوافق يوم 31 أغسطس عام 1985م، ويوم عظيم لأنه شهد ميلاد طفل سيكون عظيم الشأن، هو محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
والأمير محمد بن سلمان هو الابن السادس للملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وهو أمير ابن ملك، حفيد ملك هو الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه، وحفيد أصحاب الشرف والمُلك الإمام محمد بن سعود الكبير مؤسس الدولة السعودية الأولى عام 1727م، والإمام تركي بن عبد الله مؤسس الدولة السعودية الثانية 1824م.
وبذلك اجتمعت للأمير جينات الشرف والزعامة والمجد، فهو سليل آل سعود ذات السؤدد والمجد التي حملت على أكتافها وبفضل كفاح أبنائها مسؤولية تأسيس الدولة السعودية، وهو حفيد الأجداد القدماء الذين شرفهم الله تعالى باختيار أرض المملكة موطن الرسالة، ومهبط الوحي، وأرض الحرمين الشريفين، ومحضن جسد الرسول الشريف- صلى الله عليه وسلم-.
وكانت جينات القيادة والزعامة حاضرة بقوة في شخص الأمير، فالسمات الشخصية تنطق بكاريزما الهيبة والوقار، وسمت وملامح عربية وسيمة مهيبة، وقوة بدنية تنطق بالقيادة والزعامة، وقد ظهرت الموهبة الإدارية وسمات القيادة منذ شبابه، فقد حصل الأمير على بكالوريوس القانون من جامعة الملك سعود بالرياض، وتميز باللباقة وسعة الأفق، فعين مستشاراً متفرغاً في هيئة الخبراء بمجلس الوزراء السعودى في عام 2007م وهو في الثانية والعشرين من العمر، ثم عين في إمارة منطقة الرياض مستشاراً خاصاً لوالده أمير منطقة الرياض في تلك الفترة عام 2009م، وبعد تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود الحكم، تولى الأمير الشاب وزارة الدفاع في 23 يناير عام 2015م والذى عالج فيها الكثير من المشكلات، وحرص على تنوع مصادر التسليح السعودى وشهدت الوزارة خلال مسؤوليته الكثير من الإنجازات والمواقف القوية، وفى يونيو عام 2017م اختير بمنصب ولاية العهد بعد إقرار هيئة البيعة بذلك، ويشغل سموه الآن بالإضافة إلى ولاية العهد، رئاسة مجلس الوزراء السعودي، ومجلس الشؤون السياسية والأمنية، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
وقد استحق - وأكثر - صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أن تختاره « مجلة تايم الأمريكية « في عام 2017م شخصية العام، وكذلك اختارته مجلة « فوربس « ضمن أكثر الشخصيات تأثيراً في العالم.
- ويتمتع الأمير الشاب بكل مقومات القيادة والزعامة والإدارة، وأهمها الرؤية الطموحة القائمة على إستراتيجيات التخطيط العلمي والإداري والمادي السليم، وقوامها الإخلاص للوطن والمواطن، واليقين بإمكانية تحقيق حلم أن تكون المملكة في مقدمة الدول الكبرى المتقدمة في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والدولية.
ويتمتع الأمير الشاب بفكر إسلامي مستنير، يؤمن بقواعد وأسس الدين الحنيف، ويدرك أن الإسلام دين الوسطية، فلا تفريط ولا إفراط، ولا تشدد ولا انغلاق، في مجتمع عالمي أصبح كالقرية الواحدة، وتموج فيه مختلف الثقافات والمجتمعات، فلابد من تصدير صورة المملكة الممثلة للإسلام الوسطي المعتدل القائم على التسامح والتعاون والتعايش السلمي.
ومن هنا فقد دعا الأمير إلى ثورة اجتماعية إصلاحية لتغيير النظرة الخاطئة للمجتمع السعودي، وما أشيع عنه من تشدد وانغلاق، ولتصدير جوهر الإسلام المعتدل، فسمح للمرأة في السعودية بقيادة السيارة، وهو تطور تاريخي، كما قام بإلغاء ولاية الرجل على المرأة في السفر، وحقها في السفر بعد سن 21، وحقها في استخراج جواز سفر بمفردها أسوة بالرجل، وفتح مجالات العمل المختلفة أمام المرأة السعودية.
وفي سبيل تقديم نموذج الدولة الحضارية المدنية ذات الجوانب الثقافية والاجتماعية والفنية، المنفتحة على العالم والثقافات المختلفة، في إطار التعايش السلمي، مع المحافظة على ثوابت الإسلام، تم إنشاء الهيئة العامة للترفيه، وكذلك إنشاء هيئات ثقافية أخرى مثل... هيئة المتاحف، وهيئة التراث، وهيئة المكتبات، وهيئة الموسيقى، وهيئة الأفلام.
اعتمدت الرؤية الطموحة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان على تحقيق نهضة كبرى شاملة للمملكة على كافة الأصعدة، وفى جميع المجالات الاقتصادية، والصناعية والتكنولوجية، والاجتماعية، والثقافية والسياحية، في رؤية متكاملة تحقق للمملكة أن تكون في مقدمة كبرى الدول المتقدمة على مستوى العالم، إن لم تكن أكبر الدول عالمياً، إن شاء الله تعالى.
وترجمت هذه الرؤية فيما أعلنه سموه في «رؤية السعودية 2030» والتي تركزت في النقاط الآتية:
- مكافحة الفساد: فالفساد كالسرطان الذي ينخر في جسد الدولة أو المنظمة أو الهيئة التي تعانيه، لذلك أعلن سموه حربه الضروس على الفساد في كافة هيئات الدولة، وأعلن الحملة الكبرى لمحاربة الفساد في شتى مفاصل الدولة، ونجحت الحملة في اجتثاث جذور الفساد وجمع أكثر من 107 مليار دولار لخزينة الدولة، وفي عام 2020 أعلن سموه متوعداً بحسم: « أن الفساد أصبح من الماضي ولن يتكرر بعد اليوم «.
- التنوع الاقتصادى للمملكة، وعدم الاعتماد على النفط فقط كمصدر للدخل القومى، والاعتماد على الاقتصاد الحر، وتشجيع الاستثمار، وجعل المملكة جاذبة للاستثمارات السياحية والصناعية والقائمة على الطاقة المتجددة النظيفة وسلامة البيئة وتحقيق المعايير والمستهدفات العالمية في التنمية المستدامة.
- إصلاح التعليم، حيث إن التعليم الجيد يفرز مجتمعاً متعلماً قوياً، يلبى احتياجات سوق العمل بكفاءة وفاعلية، على المستوى المحلي والعالمي، والتعليم صمام أمان للمجتمع، ينمي قيم الانتماء والولاء، وتعزيز قيم التسامح والأخلاق، والبعد عن التطرف والإرهاب، ولذلك فقد أعلن سموه برنامج تنمية القدرات البشرية، وهو أحد برامج تحقيق رؤية السعودية 2030، والهادف إلى إصلاح التعليم، وتطوير أساس تعليمى مرن قوي للجميع، والإعداد لسوق العمل محلياً وعالمياً، وإتاحة فرص التعليم والتدريب والتطوير مدى الحياة.
- وفى سبيل تحقيق النهضة الاقتصادية الشاملة الكبرى، أعلن الأمير الطموح عن مشروع الحلم العالمى «نيوم» الذى يعتبر أكبر مشروع اقتصادى سياحي تنموي في العالم، وسيصل رأس ماله إلى 500 مليار دولار، وتنتهي المرحلة الأولى منه في 2025م، وسيطرح في الأسواق العالمية، وينتهي العمل فيه خلال 30 إلى 50 سنة، مما يمثل تنمية مستدامة للأجيال القادمة، والمشروع يضم العديد من المنشآت السياحية والفنادق والمدن صديقة البيئة التى ستجعل المملكة واجهة السياحة العالمية، ويشمل العديد من المدن مثل مدينة ذا لاين، ومدينة تروجينا، ومدينة أوكساجون، وجزيرة سندالة.
وتشمل الرؤية أيضاً مشروع البحر الأحمر السياحي الاقتصادي الضخم، وتطوير مدينة العلا وجعلها واجهة سياحية عالمية.
- ومن رؤية السعودية 2030 أيضا تعزيز دور المملكة في مجال النقل، وأن تصبح المملكة مركزا لوجيستيا عالميا، وأن تهتم المملكة بالنقل البحري لوصول المملكة إلى طاقة استعابية تزيد على 40 مليون حاوية سنوياً، مما يستلزم تطوير وتنمية البنية الأساسية للموانىء، ومراكز التخزين ونقل البضائع.
وتهدف الرؤية الطموحة أيضاً أن تصبح المملكة في المركز الخامس عالمياً في حركة النقل الجوى، وزيادة وجهات السفر إلى أكثر من 250 جهة دولية، مع إنشاء المزيد من المطارات الدولية ذات المعايير العالمية في البنية الأساسية وجودة الأداء والخدمات.
- ويتميز الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بكاريزما خاصة، وسمت القادة والزعماء، وقوة الشخصية وحضورها، ويتمتع باحترام كبير على المستوى العالمي كزعيم وقائد، ويتميز قرار سموه في سياساته الخارجية بالسيادة والاستقلال، ولا رقيب على هذا القرار إلا مصلحة الوطن، وإخلاص القيادة ورؤيتها، وكانت ولا زالت تتمتع المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز خلال تولي ومبايعة الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد بعلاقات دولية طيبة، قائمة على الاحترام المتبادل، والتعاون على السلم والأمن العالمي، والمصالح المشتركة، وإحترام السيادة الوطنية للدول.
وللملكة دورها الرائد في العالم العربي والإسلامي، كدولة الإسلام الأولى، وأكبر دولة إسلامية وعربية اقتصادياً، وتعتز المملكة بهويتها العربية والإسلامية.وتمد يد العون والمساعدة والدعم السياسي والاقتصادي للدول الشقيقة والصديقة في جميع المحافل.
هذا هو الأمير الشاب، الذى رسم بجينات الشرف والقيادة والطموح، صورة رائعة لأمير رائع، في بلد ندعو الله تعالى أن يحفظها.. ملكاً وولي عهد وأرضاً وحكومة وشعبا.
** **
- كاتب مصري