د.عبدالعزيز بن عبدالرحمن النملة
وسبحان من يصنع القدر في مسيرة الملك سلمان.. عرفته الرياض، وعرفه الناس منذ نشأته صاحب رأي رشيد، ومنهجٍ إداريٍ حازمٍ سديد. جمع الله له من سجايا القيادة والإرادة، مغموسة في بحر الحكمة والأناة، وعرفه التاريخ، وعرف هو التاريخ وأتقنه، قراءة وصناعة، فلا عجب لصنعه اليوم، فها هو يعانق العليا، وقد أحاط أسواره برجال أفذاذ، أصحاب همم وذمم، يعشقون المجد، ويعرفون العهد..
وسبحان من يصنع له القدر، ويمنحه الأمير محمد بن سلمان.. صاحب نظرة إستراتيجية مذهلة، لا تقل عن نظرته، وشخصيةٍ قياديةٍ فريدة! تعددت أسبابها وتنوَّعت منابعها، فمنها ما هو متعلق بامتداده الفطري الجيني (الأسري)، وأسباب أخرى كثيرة عديدة، التقت بسجل حافل بالإنجاز منذ الصبا، فاجتمعت له خبرات متراكمة، وممارسات تحوّلية صائبة، توسطها خصائص نفسية واجتماعية وشخصية، من شجاعة وجسارة وإقدام، مختلطة بحكمة ودهاء، وأطياف وألوان من الذكاء، وطلاقة في الحديث، وهيئة وهيبة، ومآثر تحوّلية لم يسبق لها مثيل..
وقد يكون من الطبيعي أن يصل مثله -أقصد الأمير محمد- إلى ما وصل إليه من منصب قيادي؛ لأنه «ابن ملك» ولكن ليس وصوله وحده هو الباعث خلف هذا المقال، وهذا المقام، بل شخصيته (الخارقة)، التي تستحق أن توثّق كحالة بشرية استثنائية يؤرّخ لها.. فالفكر الإستراتيجي هو منحة إلهية لا تُدرّس، ولا تُكتسب، بل فطرة سماوية تُحلّق بصاحبها إلى مواقف مستقبلية لا يدركها الآخرون، فيتحلى بآراء صائبة، وقرارات هادفة، تؤتي أُكلها كل حين، وفي كل زمان..
فمن داخل القبة الملكية، تشاهده يخرج من اجتماع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، بعد أن يناقش المتخصصين فيها، ويضع الأمور على مساراتها الصحيحة، وفق رؤية واضحة، تتصف بالعمق والكفاءة التشغيلية، ليدخل مكتباً آخر متخصصاً في وزارة الصناعة والثروة المعدنية، ويناقش مشاريعها مستحضراً مؤشرات اقتصادية، ومقدّرات مناطقية، وفجوات وفرصاً استثمارية، وبما يضمن نجاح المهمة وبلوغ الهدف، ليمضي إلى غرفة المال والاقتصاد والسياسة، وبعدها الإسكان، وإلى الترفيه والرياضة، ويتلوها الحج والعمرة، وفي كل مرة لديه نظرة واضحة، ورؤية ثاقبة، وتوجيهات تعكس كفاءة نوعية في الأداء والنتيجة!
والذي يتبادر إلى الذهن! هل يستطيع ذلك؟ وهل يدرك ذلك كله؟ فالمؤشرات والأرقام تقول: إنه فعل! وفعل بكفاءة عالية! إنه السر في تلك القدرة الإستراتيجية التي تجعل لصاحبها رؤية واضحة، وصورة مستقبلية مكتملة، يستطيع من خلالها صنع القرار، وإبداء الرأي.
ولكي تقترب الفكرة للقارئ الكريم.. هي القصة ذاتها حينما نشاهد أحد الرسامين المحترفين يبعثر فرشاة الرسم بخطوط وأشكال متناثرة، فيتبادر إلى أذهاننا حينها أنها مجرد طلاسم عشوائية، ولكن حين يستكمل أجزاؤها، ويضع ألوانها، تظهر لنا صورة رائعة ولكأنها حقيقة خلاّبة.. ولا عجب! فالصورة كانت مكتملة في ذهنه قبل أن ينثر أحبارها.. وهي ذاتها رؤية بلادنا هي صورة مكتملة في ذهن صاحبها الأمير محمد بن سلمان، فلقد ارتسمت في عقله خارطة طريقها، ومساراتها، بل وأزقتها ومنعطفاتها، وفي نفس الوقت يعرف ويدرك تماماً المكانة التي تستحقها بلادنا ويستحقها شعبنا، والفارق الذي بين بلادنا وشعبنا وبلدان وشعوب العالم، ويعرف أدواته، ويعرف رجاله، ويثمّن ممكناته، ولديه رغبة وطموح وشغف لا ينتهي؛ لذا فعل ما لم يفعله غيره في سنوات قلال، وصنع فارقاً اقتصادياً وسياسياً على المستويين المحلي والعالمي في غضون سنوات ضوئية في مقاييس النهضة والزمان، وجعل للمملكة صدارة ومنافسة عالمية مشهودة، فأصبح يحسب لبلادنا حساب آخر، بل وشرع بإعادة بناء تلك الصورة التاريخية التي هيمنت يوماً من الأيام، وسيفعل -بعون الله- وقريباً - بمشيئة الله.
هنيئاً للأمة العربية والإسلامية بهذا العيد السعيد.. وهنيئاً لنا بهذا العيد السلماني المهيب، الذي أعاد الأمور إلى نصابها، وأرسى طريق المجد، وصعد بالأمة نحو آفاق السيطرة والهيمنة، بسياسة وحكمة، وجهود لا تهدأ..
حفظ الله الملك. وحفظ الله الأمير محمد بن سلمان. وحفظ الشعب والبلاد.. وعيدنا سلمان.. وعيدنا محمد بن سلمان.. وعيدنا مبارك..