سهوب بغدادي
تخيل أن تقرأ قائمة طعام «منيو» في مطعم يحتوي على صنف واحد! فهل سيكون المطعم الأفضل في العالم؟ بعكس مطعم آخر يقدم مالذ وطاب من اختيارات، الأمر الذي يعطي حرية الاختيار لأفراد العائلة الواحدة، فيما تنتشر منتجات معروفة باسم خضار مشكلة و فواكه مشكلة و عصير مشكل، فجميعها تدل على التنوع في الشيء، على غرار هذا الأمر، يعد التنوع في المشاكل أيضًا مطلوبًا، شريطة أن تكون ضمن الحدود التي يرسمها الشخص ودون تجاوز للقيم والمبادئ والدين، فكل مشكلة تعترض الشخص ضمن علاقاته الإنسانية، قد تكون محركًا للعلاقة إلى الأمام، عند حلها بطريقة صحيحة وتجاوزها وضمان عدم الوقوع فيها مجددًا، أو على الأقل معرفة طرق التعامل معها في حال تكرر وقوعها، إذ تأتي المشاكل المشكّلة والمحمودة متداخلة في جميع النطاقات الحياتية كالمشاكل المادية أو النفسية أو الجسدية وما إلى ذلك، فكلما تنوعت تلك المشاكل وتم التغلب عليها كانت العلاقة أكثر صلابة ومتانة بمرور الأيام، في المقابل، عند تكرار إشكالية ما واتخاذها ذات النمط أو السياق نفسه، فهنا تعتبر مشكلة هدامة، باعتبار أن هذا التكرار ينم عن تعثر في إيجاد حل أو التعامل مع المشكلة، ويتطلب هذا النوع الأحادي من المشاكل حلًا جذريًا وقاطعًا، والتمتع بالحزم لكيلا يمتد أثر الإشكالية لعقود وأزمنة وأجيال احتمالاً، على سبيل المثال لا الحصر، المشاكل التربوية والأخطاء الأسرية التي نراها تورث من جيل إلى جيل، فيجب أن تتوقف عند أحد أفراد العائلة لكي تبدأ ذات العائلة في دورة حياة جديدة وصحية.
إن المشاكل المشكلة صحية وواردة الحدوث في جميع مواطن حياة الفرد التي تحمل معنى العلاقة بالأشخاص والأشياء على حد سواء، فالأولى كالزواج والأخوة والصداقة والجيرة والأهم علاقتك مع نفسك، أما الأخيرة، فهي كعلاقتك مع الوظيفة والرياضة والتدخين وقس على ذلك، تختلف الأُطُر والحيثيات والهدف واحد ألا وهو التطور والمضي قدمًا في رحلة الحياة، لطالما شبه الحكماء الحياة برسم أو تخطيط القلب، الذي يتخذ إيقاع الطلوع والنزول، والمحصلة النهائية البقاء على قيد الحياة، أما الخط المستوي والراكد دون تذبذبات أو حراك فيعني النهاية -حمانا الله وإياكم أجمعين-.
إن كل ما يلزم الإنسان في رحلة مواجهة المشاكل هو المرونة النفسية والصلابة والتوقف على عتبات المشكلة الأساس وإيجاد مواطن القوة فيها وفي نفسك بعد التغلب عليها، فبعض المشاكل تخرج أفضل ما فيك وفي غيرك، وبعضها الآخر يظهر السمات الأصيلة في الواقعين فيها، وقد تبدي تلك المشاكل المشاعر الدفينة التي يصعب البوح بها، فلا شيء أسوأ في رحلتك من التوقف عند محطة ما للأبد، الأمر الذي يحتم على الشخص أن يعلن جاهزيته للمحطة القادمة وما يليها من كوكتيل المشاكل المحتملة وغير المحتملة لأنها تحل لتعلن بداية جديدة في مسيرة الحياة وبطبيعة الحال ستترافق المشاكل مع كوكتيل المشاعر التي ستتعرف عليها وتتعامل معها وتعاين جنباتها بهدف التعامل معها ومع كل ماسبق.