أحمد المغلوث
على هامش العيد التقيت بأحد المعارف والذي راح يسألني لماذا لم تتقاعد عن الكتابة ما دام الصحف حسب علمي باتت لا تدفع لمن يكتب فيها نظراً لأن الصحف تعاني من عدم وجود السيولة لديها كما كان في الماضي اللهم إلا من دخل بعض الإعلانات أو اشتراكات بعض الوزارات. فتطلعت إليه باسماً ما شاء الله لست الوحيد الذي طرح عليّ هذا السؤال حتى حفيدي محمد قال لي مرة: جدّي لماذا لا تتقاعد من الرسم وحتى الكتابة فأجبته ما أقوم به من هوايات إبداعية أعتبرها مثل الهواء الذي أتنفسه والذي يشعرني بالحياة والسعادة وحتى الفرح عندما يبعث لي أحدهم عبر الواتساب مشيداً بما كتبته أكان موضوعاً يتناول جوانب من إنجازات الوطن أو حكاية طريفة أو حتى رسمة كاريكاتورية ساخرة أو معبرة عن حالة من الحالات الحياتية المعاشة. ويجب أن تعلم جيداً أن الفنان الحقيقي أو أي مبدع في مختلف المجالات لا يمكن له أن يتوقف خاصة إذا كان ما يعمله يسعده ويبث داخله الطمأنينة وأنه قادر على العطاء والفعل فكيف الحال عندما تكون لديه أكثر من هواية ولديه القبول عند الناس فلاشك أن هذا يساهم كثيراً من التخفيف من متاعب الحياة والتي تضاعفت في السنوات الأخيرة.
ومن طبيعة المبدع الناجح أنه هو الذي يستمر في عطائه فكم واصل المبدع القيام بإنجاز ما لديه من عمل وهو يعاني من حالة مرضية تتطلب منه الراحة. وحسب ما قرأت فكثير من المبدعين وفي مختلف المجالات كانوا يواصلون إنجاز أعمالهم أكانت لوحات أو كتابات أو تلحين قطعة موسيقية. وهم يعانون من وعكه صحية أو ظروف قد تحول إتمام مالديهم من عمل ومع هذا فالفنان المبدع يصبح مثل (الأحدب) الذي يعرف كيف ينام. وتولستوي في « الحرب والسلام «وبعد تجربة من المعاناة والتحدي والظروف القاهرة نجده قد أنجز 2000 صفحة. والأديب الكبير طه حسين أليس كان كفيفاً ولكنه تجاوز حالته واستمر في إنجاز أعماله المختلفة ومسؤولياته العديدة..
ولا يمكن لأي مبدع أكان رساماً أو كاتباً أو أو. إذا لم يكن يشعر بالاطمئنان والذي هو أقصى الإيمان. فالنفس المطمئنة هي القادرة على الإبداع والإنجاز وبالتالي العمل يحقق الأمل والكسل يقتل الأمل. وقبل هذا وبعد هذا العمل حياة. ويقول أهل الاختصاص من الأطباء على الإنسان أن يعمل من أجل صحته فإذا عمل حسنت وظائف الجسم واستراح العقل وابتعد عن التفكير. وأنا شخصياً وأقولها بتواضع عودت نفسي على العمل ومنذ الصباح الباكر حيث يتوفر الوقت خاصة بعد تقاعدي من العمل الحكومي. ومع أن الكثير من الناس ينظرون إلى أن تقاعدهم يدفعهم إلى اللجوء إلى المزيد من الراحة. بل هناك من خرج من العمل مبكراً طلباً للراحة. ولاشك أن كل إنسان يختار ما يراه مناسباً له. إلا أن ما ينصح به علماء النفس. على المتقاعد أن يبحث عن شيء يقوم به وفي العديد من دول العالم هناك منهم كبار في السن يتوجهون للعمل في المشاركة في خدمة المجتمع. بل هناك من النساء اللائي فقدن أزواجهن اتجهن للنشاطات الاجتماعية أو الصحية أو حتى الالتحاق بدورات في المجال الذي تراه مناسباً لها.. وكم أرملة كانت تهوى الرسم لكن ظروف حياتها الزوجية حرمتها من ذلك وبعد رحيل زوجها عادت من جديد لممارسة هذه الهواية المفيدة والتي تعشقها.!