عبدالله إبراهيم الكعيد
في البدء أعتذر عن السطو (الشرعي) على اسم أغنية شهيرة لكوكب الشرق السيدة أم كلثوم بذات العنوان أعلاه كتب كلماتها الراحل عبدالله الفيصل بن عبدالعزيز رحمه الله.
على أني أغالط فيك سمعي
وتبصر فيك غير الشك عيني
وما أنا بالمصدق فيك قولا
ولكني شقيت بحسن ظني
يُصاحب كل ثورة شكٌّ في البداية حتى تستتب الأمور ويتبين الموقف. هكذا عرفنا من التجربة.
ما عدا ثورة التكنولوجيا في عصرنا الحالي فكلما اعتقدنا بجديدها وأنها نهاية الدهشة يصدمنا جديد غير متوقع.
ثورات منتجات التكنولوجيا اللانهائية ألغت دهشتنا.
مع أي جديد كنا نقول معقول؟ يؤكد خبراء الإعلام والاتصال أن أي وسيلة جديدة ظهرت لم تُلغ الوسيلة التي قبلها، فبين الوسائل تعايش وتكامل.
التلفزيون لم يلغ الإذاعة وهذه الأخيرة لم تُلغ الصحافة، كم أن السينما لم تجعل الناس ينصرفون عن الذهاب للمسرح.
لازال الناس يستمعون لبرامج الإذاعة ويُشاهدون التلفزيون ويقرأون الصحف حينما انتقلت مواقعها إلى الإنترنت.
ماذا عن الإنترنت ذلك الغول الذي استولى على أدوار تلك الوسائل؟ هل ألغى وجودها؟ هل أقفلت محطات التلفزيون أبوابها وأصبحت ميكرفونات الإذاعة خردة ليست لها أي قيمة، وتوقف إنتاج الأفلام السينمائية وعشش العنكبوت على جنبات المسارح؟ ونسي الناس الصحف، ما نشيتاتها، تحقيقاتها المثيرة، وآراء كتابها؟ كلاّ، كل هذه الدراما لم تحدث كما كان يعتقد البعض.
صحيح أن منصات الإنترنت حصلت على نصيب أكبر من الكعكة (إن جاز التعبير) لكن فكرة إلغاء الوسائل لم تحدث ولن تحدث في المنظور القريب كما أظن.
في بحث أجراه كاتب هذه السطور عن الصحافة في عصر الإنترنت طُرح سؤال على عدد من المبحوثين يمثلون شرائح مختلفة من المجتمع، يقول السؤال «لا أثق بالإنترنت كمصدر للمعلومات والأخبار» وكانت الخيارات (أوافق، لا أدري، أرفض) الذين قالوا (أوافق)33.3 % من الفئة العمرية أقل من 15 سنة و 40.
2 % من الفئة العمرية أكثر من 15 سنة و36.7 % من الفئة العمرية أكثر من 25 سنة و39.0% من الفئة العمرية من 35 سنة و35.0% من الفئة العمرية أكثر من 45 سنة و61.5 % من الفئة العمرية أكثر من 55 سنة.
بهذه النتيجة يتضح بأن الوسائل التقليدية لا زالت تحظى بمصداقية أعلى من منصات الشبكة العنكبوتية رغم الأعداد المليارية من متابعيها وسبب ذلك (الشك) في صدقية ما يرد فيها وقد زاد الطين بلّة حكاية الذكاء الاصطناعي وقدرته الفائقة على تحريف الحقائق وتزييف الوقائع.
أخيراً أقول كأن حال المتلقي أثناء سماع خبر مصدره الإنترنت حال شاعر (ثورة الشك) وهو يقول: وما أنا بالمصدق فيك قولا ولكني شقيت بحسن ظني.
دمتم بخير