رمضان جريدي العنزي
للهدر الغذائي عاقبة وخيمة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ويؤدي لخسارة فظيعة في الموارد الغذائية والمالية بشكل كبير ومخيف، إذ يكلف الاقتصاد مليارات الريالات سنوياً، كما له آثار سلبية على البيئة والصحة والمناخ، إن الهدر الغذائي المتمثل بالإسراف ورمي الطعام الزائد في براميل النفايات يعد عملاً منافياً لشكر النعمة وحمد المعطي المنان رب العزة والجلال، لقد أكدت وزارة البيئة والمياه والزراعة في أحد تقاريرها أن كمية الهدر الغذائي سنوياً في المملكة حوالي 4.066 مليون طن، وبلغت نسبة الفقد والهدر الغذائي في المملكة أكثر من 33%، وقاربت القيمة الإجمالية للهدر في بند الاستهلاك الإنفاقي في المملكة الـ40 ملياراً و480 مليون ريال سنوياً.
إن الهدر الذي يحدث من قبل المطاعم والأعراس والمناسبات يمنتج صدمة كبيرة، وفقاً للأرقام التي تصدر من الجهات الرسمية، إن الأفراط في الهدر والاستمرار فيه وعدم الوعي في عواقبه المستقبلية يؤدي لنتائج سلبية وخيمة، إن اتلاف الطعام دون استهلاكه يعد سلوكاً أخلاقياً غير قويم، إن بعض العادات والتقاليد الاجتماعية التي تتحكم في أنماط الاستهلاك مثل إقامة الولائم وعرضها بكميات ضخمة عملاً بالمثل (يزيد ولا ينقص)، واحدة من أمثلة عديدة على الهدر الغذائي المخيف، وحتى لا تزول النعم لا بد من الحفاظ على النعم، كالحد من الإسراف و(الهياط) في تقديم الطعام غير المبرر، والتغلب على مظاهر البذخ والنفخ.
إن علينا جميعاً أن نجعل قضية هدر المواد الغذائية تختص بأولوية خاصة، كونها ترتبط ارتباطاً مباشراً بحياة الناس وظروفهم ولون معيشتهم، إن أغلب المواد الغذائية بكل أنواعها وأصنافها التي توضع على الموائد لا يتم تناولها بشكل كامل، إننا إزاء هذه القضية لا بد من تضافر الجهود لإيجاد حلول مبتكرة وفعالة لتقليص كميات الطعام المهدور، نحن بحاجة لتعاون مشترك من جميع أفراد المجتمع في هذا الشأن كلٌّ وفق رؤيته التي تحد من هذا الإسراف الكبير، إن علينا وجوب تغيير سلوكنا تجاه الغذاء، وزيادة الوعي من خلال إطلاق المبادرات والبرامج المبتكرة عبر كافة المستويات والفئات الاجتماعية والمنصات الإعلامية، إن الأفكار والتقنيات الحديثة بالتأكيد ستساعد على إحداث الفرق الذي نطمح إليه في الحفاظ على النعم، قال تعالى: {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}، إن الاسراف مظهر سيىء يؤدي إلى اختلال المعايير، والعود بالضرر على المسرف نفسه ومن حولة وعلى المجتمع، إن البعد عن الإسراف والتبذير بكل صوره وأشكاله، هو الذي نحتاجه والذي يجب أن نعمل وفقه، وإن الاستمرار به قد يكون سبباً في زواله ومنعه عياذاً بالله، لقد أبان لنا التاريخ عاقبة المسرفين والتي كانت ذلاً وحسرة وندامة، اللهم احفظ علينا نعمك، ووفقنا لشكرك وطاعتك، وأعنَّا على ذكرك وحسن عبادتك، واجعل ما أنعمت به علينا من الخيرات معينة على ما أمرتنا به من الطاعات.