عبد العزيز الهدلق
للحق والأمانة كان الحكام السعوديون في بطولة كأس السوبر السعودي «كأس الدرعية» هم مفاجأة البطولة الجميلة.
فقد كان الهويش والطريس والبلوي في قمة حضورهم الفني، وأكدوا أن الثقة التي منحت لهم كانت في محلها.
وهذا الحضور الجميل للحكام السعوديين أكد أن قدرات هؤلاء التحكيمية عالية، ولكنْ هناك شيءٌ كان يمنع نجاحهم في السابق، وعندما تخلصوا منه انطلقوا في فضاء النجاح. فلقد كانت الميول والضغوط التي يواجهونها تكبلهم، وتجعلهم يدورون في فلك الفشل سنين عديدة، رغم جودتهم.! وعندما تحرروا من ذلك القيد، والتفتوا لأنفسهم ومستقبلهم في سلك التحكيم، وتأكد لهم أن لن يفيدهم إلا جهدهم وإخلاصهم لمهنتهم وشجاعتهم وليس ميولهم وخشيتهم من النقد واستسلامهم للضغط، حققوا النجاح. ويستحقون التهنئة على قناعتهم وثقتهم العالية في أنفسهم وقدراتهم التي وصلوا إليها، والنضوج في التفكير، والإبداع الذي قدموه في أبوظبي. ونتمنى أن يكون ذلك نقطة انطلاق لهم، وأن لا يعقبه تراجع. كما نتمنى من زملائهم الاقتداء بهم، وترك الميول جانباً، والتحلي بالشجاعة وعدم الرضوخ للضغوط وأن لا يخيفهم النقد الهدام، وإعلاء مصلحة الذات لتحقيق النجاح، فما الذي يجنيه الحكم إذا فشل مقابل نجاح غيره!؟ أو أن يكون سلماً يرتقي فوقه الآخرون ليصلوا للنجاح فيما هو مجرد وسيلة لهم!؟
وأمانة تفرض علينا تحية هذا الثلاثي التحكيمي، وبالأخص محمد الهويش الذي كانت له تجارب تحكيمية سابقة مريرة، ولكنها صفحات وطويت، وتلاحق نفسه قبل نهاية المشوار، والعبرة دائماً بالخواتيم. وكم رأينا حكاماً فضلوا ميولهم على أنفسهم ونجاحهم، وانتهوا بذكرى مشينة وغير لائقة في أذهان كل الجماهير الرياضية.
ويبقى الدور القادم والمهم واقعاً على عاتق لجنة الحكام ودائرة التحكيم باستثمار نجاح هذا الثلاثي ودعمه والدفع به للأمام، والعمل على توسيع دائرة النجاح لتشمل غيرهم من الحكام الذين لديهم الاستعداد والقدرات للتطور والنجاح، مع استبعاد الحكام الذين تكرر فشلهم، ممن لا يملكون أي مقومات للنجاح وليس لديهم أي قابلية للتطور. وأحذر دائرة التحكيم من أساليبها المعتادة باستمرار تكليف حكام معينين لفرق معينة! أو تكليف حكام معينين لأن هذا النادي أو ذاك يرتاح لهم. فهذا رضوخ وخنوع وتكريس للفشل.
لقد منح الدولي القدير محمد الهويش وزملاؤه لجنة الحكام ودائرة التحكيم فرصة ذهبية للنجاح يجب أن يستثمروها للانطلاق نحو الأمام، فإن لم يستثمروها بالشكل الصحيح فلا يجب على رؤسائها البقاء في مواقعهم.
لقد انتقد الإعلام الصادق والأمين محمد الهويش عندما أخفق سابقاً، وربما قسا عليه، ولكن اليوم وهو يحقق النجاح فواجب الإعلام الصادق والأمين أن يثني عليه ويمنحه ما يستحق من التقدير والإشادة. ويشد على يديه ويطالبه بالاستمرار على هذا النهج. ومثله كذلك زميله خالد الطريس. وكم يكون المجتمع الرياضي كاملاً سعيداً وهو يرى هذا النجاح لحكام من بلاده، يتطلع الجميع لأن يشاهدهم في كأس العالم، وغيره من المحافل الدولية الكروية.
زوايا
* الإنصاف الإلهي والعدل الرباني جاء في نفس الفترة، في نفس ليالي العيد التي أرادوها نكداً على الهلال حيث جاءت دورة الزمان لتسقيهم من نفس الكأس علقماً وحولت أفراحهم إلى أتراح وأحزان.
* طرد رونالدو أمام الهلال احتاج فقط لحكم جرئ وشجاع يثق في نفسه وفي قراراته، ولا تهزه عالمية لاعب ولا أسطوريته. وهو قرار تأخر كثيراً لوضع حدٍّ لتجاوزات هذا اللاعب ضد الحكام بالذات. حيث يحاول دوماً استغلال شهرته العالمية في الضغط عليهم وانتزاع قرارات لصالحه وصالح فريقه، أو منع قرارات صارمة تجاهه أو تجاه فريقه. وجاء الحكم الشجاع محمد الهويش ليضع نقطة آخر السطر لهذه الحكاية غير اللائقة.
* الحكم محمد الهويش ميوله معروفة منذ دخوله سلك التحكيم، ولم يحاسبه أحد على ميوله فذلك شأنه الخاص وله حريته الكاملة فيه، ولكن عابه في العمل الميداني أن الميول طغى أحياناً كثيرة على عمله وذلك ما أخر كثيراً بروزه ونجاحه. ولعل الجميع يتذكر حادثة «يد» دلهوم الكارثية، والتي كان الهويش بطلها. ولكن الملاحظ أنه استفاد من تجاربه السابقة، واقتنع بأن نجاحه مرتبط بأدائه هو وليس بميوله، فتغير تماماً وأصبح حكماً مميزاً، وهو اليوم ضمن المرشحين مع حكام مونديال 2026.
* عندما قرر مدرب النصر كاسترو أن يلعب أمام الهلال بخمسة مدافعين رغم غياب ميتروفيتش فهو يعرف ماذا يفعل. ويعرف أنه يلعب أمام من! ولو أنه رضخ للذين انتقدوه فكم يمكن أن تصل النتيجة!؟.
* في المؤتمر الصحفي الذي سبق المباراة كانت هزيمة النصر واضحة على لسان مدربه كاسترو الذي كان يتحدث عن الهلال بإعجاب أكثر مما كان يتحدث عن فريقه.
* في قناة أبوظبي الرياضية تم مواكبة إقامة مباريات كأس السوبر السعودي في أبوظبي بعرض برنامج يومي ولكن للأسف أن بعض ضيوف هذا البرنامج أفشلوه لطغيان ميولهم، ولافتقاد بعضهم لأدوات المعرفة والنقد الرياضي السليم، لسطحية طرحهم، وضحالة ثقافتهم، وسعيهم للسير ضد المنطق، لمجرد البحث عن الاختلاف.
* الذين اعتدوا على البليهي أثناء سقوطه على الأرض يجب أن لا يفلتوا من العقاب.