خالد بن عبدالرحمن الذييب
أصبحت المفاهيم التخطيطية والتي كانت تناقش في المكاتب المغلقة بين المختصين مثل «أنسنة المدن»، و«الاستدامة»، و«الوصولية»، و«جودة الحياة»، حقاً مُشاعاً على كل لسان، وقد كان لرؤية المملكة 2030 دورٌ هامٌّ في ذلك كونها أعطت التنمية العمرانية والتخطيط العمراني جانباً كبيراً فيها. وأصبح لزاماً على أهل الاختصاص من مخططي المدن توضيحها بشكل أكثر تفصيلاً، ومتابعة ما يستجد منها، وهذه المفاهيم يصعب تحقيقها والوصول إلى أهدافها إلا من خلال دراسة مستفيضة ومتعمقة لتحديات وقضايا المدن لرئيسية التي تواجها المدن، والتي يمكن تقسيمها بشكل مختصر إلى نوعين من التحديات: تحديات على المستوى المكاني Physical Planning، وتحديات على مستوى العملية التخطيطية Planning Process ، والتحديات على المستوى المكاني يمكن تقسيمها إلى أربعة مستويات تبدأ من الأعلى إلى الأسفل كالتالي: المستوى الوطني، المستوى الإقليمي، المستوى المحلي، المستوى التفصيلي.
المستوى الوطني، وهذا المستوى يتعامل مع المدن على مستوى الدولة بشكل عام، ومثالها المدن الحدودية، وتأثيرها المتبادل بين الدولة ذاتها، والدولة الأخرى التي تقع على حدودها، والتباعد المكاني بين المدن وما ينتج عنه من زيادة مسافة الانتقال بين المدن، أما المستوى الإقليمي والمتمثل بدراسة التنمية السكانية على محاور محددة مثل محور (مكة، الرياض، الشرقية) والذي يمثل 67% وبإضافة مناطق عسير والمدينة المنورة نجد أن 80% من إجمالي سكان المملكة يسكنون في (5) مناطق، وكذلك علاقة المدن الصناعية والاقتصادية الكبرى بالإقليم.
أما على المستوى المحلي، ومخطط المدينة Master Plan نجد أن التحديات فيها تشكل عوائق شديدة في التخطيط المحلي، مثل العشوائيات في بعض المدن، وإن لم تشكل ظاهرة حقيقية مقارنة بدول أخرى. إضافة إلى التبعثر العمراني داخل النطاق العمراني، وأنظمة البناء والتي تشكل أحد أهم عوامل التأثير على شكل المدينة، ويعتبر التعديل فيها بالإضافة إلى التبعثر العمراني أهم مشكلتين تعاني منهما المدن السعودية.
أما على المستوى التفصيلي فمن المهم التعامل مع مفهوم صناعة المكان Place Making والذي يتلخص في الاهتمام بالمظهر العام للمدينة، والصورة البصرية للعناصر التصميمية للمكان، والتعامل مع المكان كجزء من الذاكرة الجمعية للمجتمع، وأنسنة وإعادة تنشيط الأماكن العامة من خلال التعامل مع التحرك داخل الحي، وتداخل مساحات الحركة، ومسافات ومسارات المشاة والفراغات والساحات، ونقاط الإنتقال والمجسمات الجمالية.
أما ما يخص التحديات المتعلقة بالعملية التخطيطية Planning Process وهي تحديات تتعلق بالجوانب الإدارية والتنسيقية مثل التقاطع بين شركاء التنمية (الهيئات، المكاتب الاستراتيجية، الأمانات)، وتفعيل دور المشاركة المجتمعية في المراحل الأولية للتخطيط، وأهمية مراعاة وخلق المعايير اللازمة لتنمية المدن، مع إيجاد رؤية واضحة للمدن تصب في مصلحة الرؤية العامة للمدينة.
أخيراً...
لتنجح المدينة لا بد أن يتحرك التخطيط...
ولينجح التخطيط لا بد من تحديد القضايا...
ما بعد أخيراً...
راجع أخيراً..