عطية محمد عطية عقيلان
لم تعد تجارة المخدرات تمارس بالطرق التقليدية فقط، بل تطورت أساليبها وطرقها للوصول للشباب عبر ما يجذبهم، ففي عام 2021م، صدر تقرير الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات وهي هيئة مستقلة تدعمها الأمم المتحدة، أقرت الهيئة أن هناك أدلة متزايدة على وجود صلة بين ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي وتعاطي المخدرات، خاصة إعلانات استخدامها للأغراض الطبية ونشر معلومات مضللة عن مفعولها، والترويج بذلك للوصول إلى الشباب وتوفير المواد المخدرة لهم، علماً أن تجارة المخدرات لم تعد قاصرة على أشخاص خارجين عن القانون بهدف الربح المادي فقط، بل هناك عالم خفي وحرب استنزاف منظمة لتهريبها، علماً بأنها تجارة سنوية بعوائد تتجاوز الـ 800 مليار دولار سنوياً، فأصبحت هناك منظمات لهذه الجريمة، ليس هدفها تحقيق عوائد مالية، بل يتعداه إلى تدمير المجتمعات المستهدفة، من خلال تهريب ملايين الحبوب والمنتجات المخدرة والإيهام بقدرتها على السعادة والقوة، لجذب الشباب وتحويلهم إلى متعاطين، يسهل بعدها التحكم بهم وتوجيههم لتحقيق مخططاتهم الشيطانية من ذاك البلد أو المجتمع، وفي حلقات مؤلمة تذاع على روتانا خليجي للمذيع عبدالله المديفر، في «حكاية حرب المخدرات» قصص تدمي القلب عن ضياع شباب وشابات ودخولهم عالم الإدمان، وكيف يتم استقطاب الشباب وأصحاب السوابق والمتعاطين ليصبحوا مروجين، وكيف يتم استدراج الفتيات الصغيرات والتغرير بهن، ويمارس بعد ذلك عليهن أسوأ أنواع الاستغلال النفسي والجسدي مع سوء معاملة وتعنيف، وفي مقابلة مع أحد المروجين الذي نبّه إلى أنهم يستهدفون البلد وليس الربح، بالتسامح مع تجار المخدرات في الخارج والتساهل في الحساب المادي بل ويتم منحهم خصومات وإسقاط بعض المبالغ عنهم، المهم الترويج، كذلك كمية ملايين الحبوب المضبوطة من الجمارك قبل تهريبها تدل على حجم الاستهداف، على سبيل المثال تم في أغسطس عام 2022م ضبط محاولة تهريب 47 مليون حبة من الإمفيتامين، وهي حبوب محفزة للجهاز العصبي وتؤدي إلى الإدمان، وهناك أيضاً أنواع اخرى من المخدرات، تهدف إلى السيطرة على المتعاطي وتحويله إلى مدمن يسهل التحكم به وينفذ ما يطلب منه، سواء استغلال جسدي له أو الإضرار بمجتمعه وبلده، وبعيداً عن الآثار المدمرة لها سواء على الصحة البدنية أو النفسية أو الاقتصادية، ولكن خطورتها ليست على المتعاطي فقط، بل تؤثر على من حوله وتحت وصايته، لأنه يصبح عيفاً وقد يقوم بالقتل والاغتصاب والضرب دون رحمة، فجرعة واحدة من مخدر الشبو حولت متعاطين إلى مدانين بجرائم قتل، وهذا ما استدعي إطلاق الحملة الأمنية لمكافحة المخدرات، ولكن يبقى العنصر الفعال والمهم لمنع انتشارها وتعاطيها، هو دورنا الفردي في مراقبة أبنائنا والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه أو معلومة قد تؤدي إلى كف أذى والقبض على مروج أو تاجر لها، والتبليغ على كل إعلان لبيعها أو فوائدها أو ترويج لها في منصات التواصل الاجتماعي، وضرر المخدرات لايعود على الشخص المتعاطي فقط، لأنها تحفزه على العنف والسلوك الإجرامي، وسيصيب كل من يتعامل معه سواء قريب أو جار أو حتى في الطريق العام، لأنه قنبلة موقوتة ستنفجر وقد تكون أنت أو من تحب الضحية.
خاتمة:
الرهان الحقيقي على نجاح مكافحة المخدرات، يقع عاتقها الأكبر على الأفراد ووعيهم والتنبه لخطرها، والإبلاغ عن أي شبهه أو شيء مريب يرتبط بترويجها أو بيعها على الرقم 995، حتى تتمكن الجهات الرسمية من التصدي لهم والقبض عليهم وكف أذاهم، ولنتذكر أن الهدف ليس الفرد فقط، بل المجتمع والبلد بأسره، لأن الضرر يعم على الجميع فهي حرب استنزاف لكل مقدرات البلد من تدمير الشباب والضرر الاقتصادي والصحي والتي تستوجب منا جميعاً التصدي لها والحذر، حتى لا نكتوي بنارها.