ناهد الأغا
للقراءة فوائد جمة، أولها على حد قول خبراء الاختصاص أنها تعتبر «رياضة العقل»؛ فهي العامل الأساس الذي يحافظ على صحته وقوته؛ وهي تشبه التمارين الرياضية التي يمارسها المرء للحفاظ على لياقته وصحته البدنية..
فقراءة الكتب تحمي العقل من الكثير من الأمراض سيما أمراض الشيخوخة؛ تساعد على تحفيز قدراته وتعمل على التقليل من ضعف الذاكرة؛ وتعتبر بالدرجة الأولى من الأنشطة التي يقبل عليها الشخص بكل محبة وشغف؛ وبالتالي ستكون السبب الرئيس في تخفيف حدة الضغوطات والتوتر التي تعج بها حياتنا اليومية ورتابتها المملة؛ حيث تندرج تحت مسمى وسائل الترفيه التي تعود بالنفع والفائدة بسبب الغوص في عالم مليء بالمتعة والخيال؛ إنه عالم الكتب بكل أنواعها، من قصص وروايات خيالية وواقعية فيشعر المرء أنه يحلق في عالم استثنائي كأنما يمتطي جوادا أصيلا يشعره بالعز والفخر..
وهنا نستذكر قول أبي الطيب الذي يعبر أجمل تعبير عن أهمية الكتاب:
أعز مكان في الدنى سرج سابح
وخير جليس في الأنام كتاب
فحري بنا جميعا كسب الهدوء النفسي والسكينة ومتابعة القراءة اليومية للتخلص من الأرق الذي قد ينتابنا ليلا، ولو لعشر دقائق قد تكسبنا بعدها نوما هادئا عميقا..
ولأن الشيء بالشيء يُذكر فيجدر بنا الإشارة إلى الضرورة الملحة لإقامة معارض الكتب؛ فهي عبارة عن حدث ثقافي سواء كان محليا أو دوليا يشكل سوقا للكتاب؛ ويعتبر فعالية اقتصادية بالدرجة الأولى للمؤلفين والكتّاب والصحفيين ولجميع فئات المجتمع..
وهذه المعارض يكون المشرف على تنظيمها هيئة الأدب والنشر والترجمة التابعة لوزارة الثقافة..
ويمكننا القول، بكل اعتزاز بدءا من عام 2019، بأن المملكة عاشت تجربة ثقافية راقية ومثرية حيث تم تصميم شعار خاص لمعرض الرياض الدولي للكتاب، وكان تصميمه على هيئة كتب رُصفت في مكتبة وبألوان جذابة، استلهمت من ألوان الشعار الرسمي للوزارة؛ وكانت النسخة الأولى التي حققت نجاحا منقطع النظير وبإشراف وزارة الثقافة..
هذا وعملت هيئة الأدب والنشر والترجمة - كما أسلفنا- على تعزيز مكانة معرض الرياض الدولي للكتاب وبقية معارض الكتب المحلية والدولية في كافة مدن المملكة، وواكبت تطويرها بما يتماهى ورؤية المملكة العربية السعودية 2023 والتي جعلت من الثقافة عاملا مهما في رفع مستوى جودة الحياة..
وعلى سبيل المثال لا الحصر فهناك معرض جدة الدولي للكتاب؛ معرض المدينة المنورة للكتاب؛ ومعرض الشرقية للكتاب..
وفي ظل التطور المتسارع الذي يشهده العالم ككل، والمملكة خصوصا، يتبادر للذهن سؤال «كيف سيؤثر الذكاء الاصطناعي على القراءة»؟
ومن خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي على صناعة المحتوى تشكل الرأي لفريقين من المتخصصين؛ يرفض الأول إدخال التطورات التي من شأنها رفع مستوى التأليف لمنشئي المحتوى؛ بينما يرى الفريق الآخر أنها ربما تكون فرصة للاستفادة من تجميع الذكاء الاصطناعي - إن كان له ميزات - مع القدرات البشرية لفتح آفاق جديدة وحل المشكلات المعقدة، لكن يبقى السؤال الذي يتفق عليه الجميع: هل يستطيع الذكاء الاصطناعي فهم المشاعر الإنسانية واحتوائها واعطاء الفن حقه من التقدير لسد الفجوة القائمة بين المعرفة والفهم..؟
وهنا يتأكد بما لا يدع مجالا للشك ان الإنسان وحده من يستطيع جسر الهوة وسد الفجوة بما حباه الله من قدرات تفوق الكثير من أمور التقنية في هذا المجال..
ومهما بلغ التطورالتقني مداه تبقى متعة قراءة الكتب لا يضاهيها متعة لما يجنيه القارئ من فوائد عظيمة فهي الجسر الذي ينقله إلى كافة المعارف؛ ويوفر عليه عناء الذهاب إلى أماكن التعلم وبالقراءة يجني القارئ ثمار مسيرة مضنية لتجربة طويلة خاضها الكاتب؛ ويحصد بيادر سنابل ذهبية تعب العالم أو المخترع في رعايتها وسقيها من جهده وسعيه المتواصل.