د.عبدالعزيز بن سعود العمر
قبل أن يصل الفرد إلى مرحلة متقدمة من النضج في التفكير فإنه ونظراً لبساطة تفكيره يتشكل لديه ميل واضح نحو البحث عن سبب واحد ليفسر به أي ظاهرة، علمية كانت أو اجتماعية، ففي مجال التعليم تتعجب مثلاً لو سمعت أحدهم يقول: إن وزير التعليم هو سبب تخلف التعليم، وكأنه يقول: لا يفصلنا عن التعليم الحلم سوى أن نغير وزير التعليم، والإتيان بوزير بديل. وبالمثل، قد تسمع أحدهم يقول إن مستوى أداء المعلمين سوف يتحسن بمجرد زيادة رواتبهم، وكأنه يقول لا يفصلنا عن تحقيق الجودة في أداء المعلمين سوى أن نرفع دخلهم.
وعندما يرتقي مستوى نضج التفكير لدى الفرد فإنه يبدأ في إدراك أن الظاهرة - أي ظاهرة كانت - لا تحدث إلا إذا تحققت وتآزرت عدة أسباب، فمثلاً ظاهرة نزول المطر لا تتحقق إلا إذا توافرت وتفاعلت عدة أسباب (ضغط جوي وحرارة وحركة رياح ...إلخ)، وفي حالة التعليم تتآزر العوامل أو المسببات التالية لإحداث التطوير المستهدف، مثل: دعم سياسي، نمط الإدارة العليا، ميزانية كافية، برامج إعداد وتدريب المعلمين، سياسات التعليم، توفر التقنية، كوادر بشرية ...إلخ.
الاحترافية في تطوير التعليم تأتي من ضبط تفاعل وتكامل هذه المتغيرات بتوازن دقيق لتحدث الأثر المطلوب.
تطور التعليم ظاهرة معقدة، وهي ليست من البساطة بحيث تنشأ عن سبب واحد، وهنا تكمن صعوبة تطوير التعليم، فالمطلوب البحث عن عدة مسببات ممكنة، وتقييم أثر كل منها على التطوير وضبطه.