عبده الأسمري
المسؤولية مفهوم عظيم يعتمد على الواجب ويتعامد على الحقوق وينطلق من «منصة» المهام ويتجه إلى «نتيجة» الالتزام» في ميادين من الأمانة ومضامين من النزاهة في دروب من «الحرص» ومسارات من «النصح».
تتعدد أوجه «المسؤولية» في إطارات من التمكين تفرضها حدود «التكليف» وتؤكدها نتائج «الواقع» وتبرزها أهداف «العمل» لذا فإنها «اتجاه «يبرز فروق «الأداء» وتباين «الكفاءة» في حقائق مشهودة جاءت بعد فرضيات «التوقع» وافتراضات «الظن» لتتجلى الصورة الواضحة في أعمال مؤكدة تشهد بها «الضمائر» وتستشهد بها «المصائر».
يعتقد البعض أن «المسؤولية» تتعلق بمنصب ومكانة وظيفية دون أن يتجاوز ذلك إلى خارج مبنى «الوزارة» أو مقر «الشركة» وهذا مفهوم بدد الكثير من الحقوق وأهدر العديد من الواجبات فالمسؤول شخص مكلف بأداء مهامه وفق مردود مالي ولكنه مطالب بأبعاد متجددة تتجاوز «روتينية» الصلاحيات لأنه يتعامل مع «بشر» تقتضي إدارتهم التعامل الراقي وتفقد احتياجاتهم ومعرفة ظروفهم وتلمس متطلباتهم وتفهم عوائقهم والانطلاق من ذلك إلى الإنسانية المفروضة في تعاملاته مع كل الشرائح الاجتماعية المرتبطة بمهام إدارته ومسؤوليته.
للمسؤولية اتجاهات تقتضي «يقظة الضمير» وتتطلب «همة النفس» وتستوجب «أمانة المنهج» وتستدعي «نزاهة الفعل» ضمن أفعال واضحة تتجلى في «هيئة» وقائع تعتمد على «براهين» و»دلائل» تؤكدها شهادات البشر المعنيين في محيط «المسؤول» والمشمولين بحقوق مكفولة بحكم «الشرع» ومضمونة باحتكام «الواقع».
سؤالي.. هنالك مسؤولون كثر يعلمون حجم مسؤولياتهم ولكن الأدوار غائبة والمهام مغيبة بعد أن غلبت منحنيات «الذاتية» على مسارات «الموضوعية «فرأينا البشر يلهثون وراء «أداء الواجب» فقط دون الاستناد على «عطاء النفس»..
رب الأسرة مسؤول عن تأمين احتياجات أبنائه ومتابعة تحصيلهم ومعرفة أحوالهم وتربيتهم وتحمل الذنب في «التغافل» عن دوره الحقيقي والاعتماد على أطراف أخرى خارج حدود «الصلاحية» المطلقة وينطبق الأمر على الأم التي يجب أن تكون «عنواناً» عريضاً لكل تفاصيل الحياة اليومية لبناتها وأن تكون «النبع «الذي يوزع إهداءات الحنان و»المرجع» الذي يجيز هوية التصرفات.
شيخ القبيلة «أنموذج» مكلف بمهام وفق «ثقة» مستوحاة من حسن الظن وكفاءة الدور وإرث العائلة لذا فهو مسؤول في «مساحات مفصلية» مهما تراجعت صلاحيات «المنصب» ولكن مسؤوليته تبقى «مفتوحة» في تثقيف أفراد قبيلته وتوعية وجهاء عشيرته بأهمية نشر «القيم» وزرع «الهمم» مع ضرورة أن يكون لشيوخ الشمل المعنيين بمتابعة العدد الأشمل من أفراد الجماعة «مسؤولية» في التعاون مع إمارات المناطق والشرط والمحاكم وغيرها في سبيل مكافحة الجريمة والإبلاغ عن «المارقين» على الأنظمة والابتعاد عن تلميع «الذات» بصور المناسبات «البائسة» التي باتت تتصدر المشهد بل التركيز واستبدالها بعقد الندوات الموسمية ودعوة العقلاء والوجهاء من أفراد القبيلة لنقاش تداعيات وظواهر «جرائم القتل» و»الهروب للخارج وتشكيل عصابات همجية تسيء للدين والوطن» ووقف مسلسل «المبالغة في الديات» ومنع «البهرجة والهياط والمكابرة والمظاهر» ومناقشة ارتفاع المهور ومشاكل الخلافات القبلية وإصلاح ذات البين وتكريم المميزين والمبتكرين حتى تتحول مسؤوليته إلى واجهة حقيقية تقتدي بها قبائل أخرى في سبيل إطلاق المبادرات النافعة التي تصنع المستقبل المشرق وتهيئ أجيالاً واعية تعرف حقوقها وواجباتها.
المعلم والمهندس والطبيب وكل صاحب مهنة على الأغلب لا يعلمون من «المسؤولية» سوى ما يتعلق بمهام الوظيفة المحدودة فيما نجد أن هنالك مسؤوليات مضاعفة تسهم في إثراء الحياة العملية وفي نفع الناس سواء في ساعات العمل اليومي أو خارجه لأنها تعتمد على شخصية الإنسان وسعيه أن يكون أنموذجاً يقتدى به وأن يحوّل مهنته إلى «مقام» فريد لصناعة الأثر..
المسؤولية مهمة عظيمة تحتاج إلى إعادة نظر في الكثير من اتجاهاتها فهي وجه الإنسانية الأول وواجهة المهنية المثلى التي تستوجب معرفة الأدوار وتوظيف الأهداف وفق ما تمليه الأمانة والنزاهة والموضوعية مع ضرورة التفكير خارج صندوق «الاعتياد» والخروج من قوالب «الروتين».