الرياض - واس:
أصدر الأديب محمد بن أحمد معبّر قبل سنوات مضت كتاباً بعنوان: «مدينة جُرَش من المراكز الحضارية القديمة»، وأعقبه بكتب أخرى تتحدث عن هذه المدينة المندثرة التي لازالت أطلالها ماثلةً للعيان في منطقة عسير.
ويقع الكتاب الصادر من «دار جُرَش للنشر والتوزيع» في 79 صفحة تحتوي على 5 فصول عن موقع «جُرش» وجبلَيْ حمومة وشكر، وسبب تسمية جُرش، وديانة أهل جُرش قبل الإسلام، ومكاتيب الرسول لهم بعد الإسلام، وحياة أهلها الاقتصادية، بالإضافة إلى نبذة عن بعض أعلامها الذين ينسبون إليها.
واستهل الباحث كتابه بالحديث عن موقع «جُرش»، ذاكراً أنها تقع شمال (محافظة أحد رفيدة)، بالقرب من جبل (حمومة) الذي لا يفصلها عنه سوى وادي بيشة، وتبعد عن محافظة خميس مشيط جنوباً بنحو 15 كيلو متراً على طريق منطقة نجران.
ويذكر المؤلف أن الأقوال تعدّدت في سبب تسمية «جُرش» بهذا الاسم، وأختار القول الذي تعضده روايات علماء النسب من أن «جُرش» نسبة إلى لقب منبه بن أسلم بن زيد بن الغوث بن حمير.
ويشير إلى أن أهل «جُرش» كانوا من عبدة الأصنام كأغلب سكان شبه الجزيرة العربية، حتى جاءهم الإسلام وغمرهم بنوره؛ فخرج وفد منهم حتى قدموا على رسول الله فأسلموا، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: «مرحباً بكم، أحسن الناس وجوهاً، وأصدقهم لقاءً، وأطيبهم كلاماً، وأعظمه أمانة، أنتم مني وأنا منكم».
وورد أنه كان لـ«جُرش» نصيب من الزراعة لا بأس به، ومن ذلك أنها اشتهرت بزراعة «العِنب»، ويذكر: «أنه أطيب العنب كله، وهو أبيض إلى الخضرة، رقيق صغير الحبة، عناقيده طويلة، وهو أسرع العنب إدراكاً»، كما قال عنه الأزهري في التهذيب: «ومن العنب عنب جُرشي جيد بالغ ينسب إلى جُرش».
ويوجد في «جُرش» (نخل)، ذكر ذلك ابن حوقل في قوله: «ونجران وجُرش مدينتان متقاربتان في الكبر، وبها نخيل».
واشتهرت «جُرش» بإبلها فيقال: ناقة جُرشية، وورد في بعض المصادر ولم يذكره الباحث أن الحَذف غنم يقال لها: الجرشية صغار، ليس لها أذناب ولا آذان.
وتطرق المؤلف إلى براعة أهل «جُرش» في صنع الدبابات وهي آلة تتخذ من الجلود والخشب يَدخل فيها الرجال ويقربونها من الحصون المحاصرة؛ لينقبوها وتقيهم ما يرمون به من فوقهم، كما عرفوا بصنع المجانيق والعرّادات، وكان الأغنياء من أهل الطائف وغيرهم يتعلمون بعض الصناعات في «جُرش»، ومن أولئك: عروة بن مسعود، وغيلان بن سلمة.
وكانت في «جُرش» مدابغ كثيرة لصناعة الجلود؛ وكانت تصدّر (الأدم الجُرشي) أو ما يسمى ب (أدم جُرش).
وقد أخذت «جُرش» أهميتها من موقعها الإستراتيجي على طرق الحج والتجارة من مكة إلى عدن، حيث يشير صاحب (تقويم البلدان) إلى أن لعدن طريقين إلى مكة، ومنها الذي يأخذ على صنعاء وصعدة وجُرش ونجران والطائف إلى أن ينتهي بمكة.
وختم المؤلف كتابه بأسماء أبرز أعلام «جُرش» من الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم من أهل العلم والرياسة والفضل ومنهم على سبيل المثال: صُرد بن عبدالله الأزدي، وشن الجُرشي، وسعيد بن القشب الأزدي، والخيزران زوجة المهدي، ويزيد بن الأسود الجُرشي، وحميد بن الحكم الجُرشي، ونافع الجُرشي، وأبو منيب الجُرشي، وهشام بن الغازي، والوليد بن عبدالرحمن، وعبدالله بن سويد الجُرشي سيد جُرش، وغيرهم.