وما الناسُ إلاّ راحلٌ بعدَ راحلٍ
إلى العالمِ الباقي مِنَ العالمِ الفَاني
نعم، هذا حال الإنسان في هذه الدنيا نزول فارتحال، ولكن الموفق من يرحل بالذكر الحسن والعمل الصالح، كحال الأستاذ ناصر بن عبدالله الجميعة الذي انتقل إلى رحمة الله مساء يوم الخميس 1-11-1445هـ، بعد معاناة مع المرض وتمت الصلاة عليه بعد صلاة الجمعة 2-11-1445هـ بجامع الشيخ عبدالله بن محمد البراهيم بمحافظة حريملاء وووُرِيَ جثمانه الطاهرة بمقبرة «صفية» في أجواء حزن على فراقه.
ولقد كانت ولادته في حريملاء عام 1366هـ، وبعد بلوغه السن النظامية التحق بالمدرسة الابتدائية في حريملاء إلى أن نال الشهادة منها عام 1383هـ، وكنت حينذاك مديراً للمدرسة، وكان من الطلاب النجباء مع ما يتحلى به من خلق وأدب وذكاء. وبعد ذلك انتقل إلى الرياض مواصلاً دراسته في المعهد العلمي إلى أن نال الشهادة الثانوية وذلك في عام 1388هـ، وفي أثناء دراسته عمل فترة من الوقت بالحرس الوطني عام 1385هـ، كما عمل في فترات المساء بالبريد السعودي وذلك ليعينه على الكسب والعيش بكرامة وعدم الحاجة لأحد:
وإنّما رَجُلُ الدنيا وواحدُها
من لا يُعوّلُ في الدنيا على رَجُلِ
وقد التحق بكلية اللغة العربية إلى أن نال درجة الليسانس في علوم اللغة العربية وآدابها من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وذلك في عام 1392هـ، وتم تعيينه مُعلماً في المعهد العلمي بحريملاء ثم وكيلاً للمعهد، وكان محبوباً لدى زملائه وطلابه، وقد حصل عام 1402هـ على الدبلوم العام للإدارة المدرسية للمديرين.
وفي عام 1413هـ انتقل إلى مدارس الحرس الوطني بالرياض مديراً لثانوية الملك خالد في خشم العان، ثم انتقل مديراً لمدرسة أبي الدرداء الابتدائية في إسكان الحرس الوطني بديراب - لقربها من سكنه - إلى أن تقاعد عام 1426هـ حميدة أيامه ولياليه.
وكان - أبو محمد - باراً بوالديه (الكفيفين) ملازماً لهما وقائماً على خدمتهما إلى أن توفاهما الله رحمهم الله جميعاً، كما كان واصلاً لرحمه محباً للخير عطوفاً على المساكين والأيتام والمحتاجين.
ستلقى الذي قدمت للنفس محضرا
فأنت بما تأتي من الخير أسعدُ
وقد سبقه إلى الدار الآخرة قبل قرابة الشهرين أخاه عبدالرحمن -رحمه الله- وحزن على فراقه مع ما يعانيه - أبا محمد - من متاعب صحية ولسان حاله يقول:
أخيين كنا فرق الدهر بيننا
إلى الأمد الأقصى ومن يأمن الدهرا
ولنا مع - أبي محمد - ذكريات جميلة حيث سعدنا بصحبته في رحلة إلى الطائف والباحة مع مجموعة من الإخوة الأفاضل وذلك عام 1394هـ، وما يتخللها من أحاديث شيقة ومساجلات شعرية حيث كان محبا للأدب واللغة والشعر.
تغمد الله الفقيد بواسع رحمته وألهم أبناءه وبناته وعقيلته (أم محمد) وأسرة الجميعة ومحبيه الصبر والسلوان.
فَأَحسَنُ الحالاتِ حالُ امرِئٍ
تَطيبُ بَعدَ المَوتِ أَخبارُهُ
يَفنى وَيَبقى ذِكرُهُ بَعده
إِذا خَلَت مِن شَخصِهِ دارُه
** **
- عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف