محمد سليمان العنقري
تصدر الشركات المساهمة في سوق الاسهم بيانات واعلانات دورية عن تطورات الاعمال او النتائج الفصلية والسنوية بالاضافة للاخبار الملزمة باعلانها للجمهور والتي بمجملها تحمل اهمية بالغة كي يكون المتعاملين بالسوق على دراية بكل ما يجري في الشركات للمساعدة على تقييم الفرص الاستثمارية، وكذلك اوضاع الشركات وتلزم هيئة السوق المالية الشركات بالإفصاح والشفافية وتعاقبهم على أي تقصير او تأخير عن اعلان اخبار الشركة وفق انظمة معلنة ومحددة تسعى من خلالها لتطوير اداء السوق وان تكون المعلومات متاحة للجميع بوقت واحد، فكلما زادت الشفافية والوضوح للشركات قلل ذلك من مخاطر الاستثمار على المتعاملين بالسوق..
ولكن في موسم إعلان النتائج للفصل الاول من العام الحالي ظهرت إعلانات لبعض الشركات، وتحديداً التي حققت خسائر كبيرة على راس المال تجاوزت 30% فيها كثير من الغموض وتطرح تساؤلات لا تنتهي ، فإحدى الشركات في يوم اعلان نتائجها التي اظهرت تحقيق خسائر كبيرة تقدم كبير التنفيذيين فيها باستقالته لمجلس الادارة والذي قبلها واعلن انها لظروف تخصه، وهنا لابد ان يكون هناك شفافية اوضح لأن الاستقالة تزامنت مع اعلان خسائر كبيرة ليس فصلية فقط بل ايضا برأس المال لمستويات مقلقة فمن الصعب ان يفصل اي مستثمر بالشركة بين النتائج والاستقالة، ولذلك يفترض ان يكون الايضاح اكثر تفصيلاً لاسبابها فهذا جزء من تقييم واقع ومستقبل الشركة؛ فهل سينتظرون لمرحلة تظهر فيها الحقيقة باعلان طلب الشركة اجراء لمحو الخسائر قد يكون مؤلما للمستثمر فالاستقالة التي تأتي بمثل هذه الظروف الصعبة على الشركة لها مدلولات قد تكون الاشارة منها ابلغ من اي ايضاح آخر، اضافة لشركات يعلن مجلس ادارتها انه اكتشف خللا بعقود ابرمتها الادارة التنفيذية للشركة قد يؤدي لضرر كبير على المستثمرين والسؤال: هل كان العقد المهم مخفيا عن المجلس؟ أو انهم لم يدققوا في تفاصيله ومآلاته على الشركة، فحتى لو انهم ادركوا هذا الخلل وعالجوه فكان من المفروض ان يتم ذلك قبل توقيع العقد وليس بعد ذلك بمدة طويلة!؟
ومن الأمثلة ايضاً شركات خاسرة كذلك تضع شروحات تفصيلية لواقع انشطتها بحيث يتوه القارئ في واقع الشركة مع ان النتائج واضحة بان هناك خللا تشغيليا وتراجعا بالاداء بالمحصلة فايضاح آن نشاطا رابحا واخر خاسرا لن يغير من المحصلة النهائية شيء لكن الامر الاكثر غرابة هو محاولة اقناع السوق بخطوات الادارة القادمة لتقليص الخسائر برأس المال، فيذكرون انهم سيحسنون الاداء الاداري والمالي والتشغيلي كاحدى الخطوات فاذا كانت الشركة تاريخها بتحقيق الخسائر طويلا منذ ادراجها بالسوق، فلماذا لم تقم بهذا الاجراء منذ سنوات؟ !
كما يذكرون أنهم سيركزون على الأنشطة الرابحة وسيتخلون عن الخاسرة او عديمة الجدوى، وهنا يأتي سؤال المستثمر: لماذا دخلتم بانشطة خاسرة واين هي دراسة الجدوى، ولماذا لا تحاسبون من قدمها لكم وضللكم؟ او انكم اقتحمتم النشاط بقرار ارتجالي مثلاً فكيف ستقنع السوق والمستثمر بصواب خطواتكم لتحسين واقع الشركة التي ادرجت وهي تحقق ارباحا كبيرة، ومن بعد ذلك تحولت للخسائر واطفأتها بخفض راس المال ثم قامت باصدار حقوق اولوية ومن ثم عادت لتخسر من جديد، واذا عاد المستثمر لبداية تاريخها بالسوق يجد ان اغلب اعضاء مجلس الادارة من مؤسسيها وملاكها الكبار مستمرون بعضويتهم ولكن لم يحققوا اي نجاح للشركة بل من يطلع على العقود التي تبرمها يجد أن اغلبها بموجب الافصاح الملزمين به هي مع كبار ملاك اسهمها من المؤسسين، فمثل هذه الاعلانات التي تحاول بها بعض الشركات تبييض صفحة مجلس الادارة، وكذلك الادارة التنفيذية من خلال الوعود بتحسين الاداء بالتركيز على ذكر امور يفترض انها بديهية ان تنفذها من الاساس، وتكون قاعدة عمل طبيعية فكيف تقول للمساهم سألغي انشطة غير مجدية واحسن الاداء المالي والاداري، فهذا اعتراف صريح بأن الشركة كانت تعاني من خلل بهذه الجوانب المهمة لسنوات ولم تنتبه لها او تدركها الا بوقت متأخر وهو ما يشكك بقدرات من يديرون الشركة بكافة المستويات..
الاعلانات ليست بالعمل البسيط، فهي نافذة الشركات على المتعاملين واحد عوامل تقييم واقع الشركة لجذب المستثمرين او ابتعادهم عنها وهيئة السوق أقرت أنظمة وطورت معايبر الافصاح واصبحت البيئة التنظيمية متقدمة تتواءم مع المعايير العالمية للاسواق المتقدمة، لكن اكمال دورها يعود على عاتق المستثمرين من خلال حضور الجمعيات العامة وإلزام مجالس ادارات الشركات بايضاحات تفصيلية معلنة لاي خبر يصدر وعدم اختصاره على جمل فضفاضة ووعود غير مقرونة باستراتيجية واضحة فدور المساهمين كبير، وهذا حقهم ليكونوا شركاء في صنع القرار فإدارة أعمال الشركات مسؤولية مشتركة يقوم بها مجلس الادارة والجهاز التنفيذي للشركة بينما دور المساهمين بالمصادقة أو رفض هذا الاداء وتقييمه، واتخاذ الخطوات التي كفلها لهم نظام الشركات لتحسين الواقع ولمستقبل أفضل من خلال الجمعيات العمومية.