سهم بن ضاوي الدعجاني
سأبدأ حديثي عن أستاذي حمد القاضي - حفظه الله - «سفير الأدباء» كما أطلق عليه الزملاء في النادي الأدبي الثقافي بجدة حين تم تكريمه في ملتقى النص «18» عام 1443هـ عندما كان المحور الأساس «الحضور الثقافي» والأدبي والنقدي في الصحف، لاحظوا المحور الذي هو «عمدة التكريم» في ملتقى النص، إنه الحضور نعم الحضور بجميع أركانه الثقافي والأدبي والنقدي، وهذا والله ما يميز الأستاذ حمد القاضي طيلة السنوات الماضية، إنه الحضور والحضور روحاً وجسداً وقلماً في كل مفاصل المجتمع.
وهنا لابد من الوقوف طويلا عند حديث الدكتور عبدالله الغذامي الناقد المعروف عن حمد القاضي عندما كتب مقاله الشهير «حمد القاضي - الصيف ضيعت المجلة»: «لا أحد يستطيع أن ينسى حمد القاضي لأنه لا يعطيك فرصة لأن تنساه ولا يترك عينيك لترتكبا هذا الإثم فهو يحضنك بوجوده وبصوته وبكلماته وبروحه الحاضرة دوماً معك في صيفك وفي شتائك وسيظل حمد معنا لأنه لا يعرف الغيبة ولا يعرف الجفاء وما أقساك أيها الصيف وما أقسى ما تفعله فينا وقد بدأت الحرارة الكونية تفعل في الطقس البشري ما تفعل وشملت أعاصيرها المجلة العربية، وهكذا تعصف الأعاصير فتهاجر الطيور لكننا لا».
• ورقة بعنوان «بين الأدب والمجتمع: قراءة في تجربة حمد القاضي» ضمن برنامج الشريك الأدبي، ألقاها الباحث في مقهى ديسكفري بمدينة الجبيل الصناعية بالتعاون مع أرجوحة شرقية ننسى ولن ننسى»، كما تذكرت ما كتبه السفير السعودي الراحل الدكتور غازي القصيبي-رحمه الله -حينما قال عن الأستاذ حمد القاضي:
«لا يغمس قلماً في مداد، ويكتب على ورقه، بل يغمس وردة في محبرة الحب، فهو يكتب على شغاف القلوب فتأتي كلماته رقيقه وناعمه».
وفي مقدمة حديثي عن أستاذي حمد القاضي هذا المساء لا يمكنني تتجاوز حديث شيخي حمد الجاسر علامة الجزيرة -رحمه الله -عن «السمّي» كما يطلق عليه في أحاديثه حيث قال عنه:»إن مفتاح شخصيته هاتان الصفتان الكريمتان، فالوفاء هو التخلق بأنواع الفضائل، وبالحياء يتم الترفع عن جميع الرذائل وبهما يستكمل المرء صفة الإنسانية الكاملة، ويحل أسمى منزلة في نفوس إخوانه لصدقه، وعفة لسانه، ووفائه، ومواساته، ونصحه، وتحببه إليهم حتى يصبح كما قال الشاعر:
كأنك من كل النفوس مركب
فأنت إلى كل الأنام حبيب»
وقد وصفه الأستاذ عثمان الصالح المربي المعروف –رحمه الله – بقوله: «حمد القاضي محبوب بين العلماء والأدباء والشعراء»، ولا أنس - أيضاً -وصف معالي الدكتور الخويطر -رحمه الله – للأستاذ حمد القاضي:
«لسان حمد عفّ، وقلمه نزيه، وطالما رأيته يزيل شائبة بين متجادلين لجّ بينهما الحجاج، وطالما رأيته ينعّم خشونة متقاذفين، باسم لا يريد إلا الابتسامة، لأنها بضاعته الرائجة، وسلعته الرابحة»، ويؤكد ذلك معالي الدكتور إبراهيم العواجي الشاعر المعروف: «أبو بدر كتلة من الأخلاق الحميدة تمشي لتزرع الحب والوئام والصفاء»، أما الأستاذ منصور الخضيري يصف شيئاً من غيرته الدينية الوطنية فيقول: «قد لا يعلم كثير الناس أن كتاباته على سبيل المثال عن الحرمين الشريفين وبالذات عن الحرم المكي وما يبديه من ملاحظات إيجابية القصد منها خدمة المصلين والمعتمرين، أقول قد لا يعلم كثير منا أن تلك الملاحظات قد أخذ بها وكانت محل التقدير من رئاسة الحرمين وصلته وثيقة بأئمة الحرمين الشريفين».
مسيرته في الصحافة
المرحلة الأولى:
بدايته مع النشر في الصحافة، فقد كان أول مقال نشره بعنوان: (النجاح وليد العمل والكفاح) وهو في المرحلة الثانوية، بعد أن نشره في صحيفة مدرسته الحائطية، ثم أخذه أحد أقربائه وأرسله مع صورته الشخصية إلى جريدة «البلاد» فنشرته صحيفة البلاد فطار فرحاً، مما جعله لا ينام تلك الليلة من شدة الفرح والسعادة بنشر مقاله الأول.
المرحلة الثانية:
عندما قدم إلى الرياض من مسقط رأسه عنيزة، وأثناء دراسته الجامعية عمل متعاوناً مع صحيفة الرياض، مندوباً صحفياً، ثم محرراً متعاوناً مع الأستاذ عبد الله الماجد الأديب المعروف في الملحق الأدبي إلى جانب عمله محرراً في صفحات الأخبار المحلية
المرحلة الثالثة:
انتقل إلى صحيفة الجزيرة بعد حصوله على الماجستير في الأدب والنقد، حيث عمل أولاً محرراً ومشرفاً على بعض الصفحات ثم مشرفاً على الملحق الأدبي في عهد الأستاذ خالد المالك، وفي هذه المرحلة تشكلت شخصيته الثقافية وتوطدت علاقاته بالوسط الثقافي ورموزه مثل الراحل الدكتور غازي القصيبي رحمه الله وغيره.
المرحلة الرابعة:
وبعد صحيفة الجزيرة انتقل إلى «المجلة العربية» مديراً لتحريرها بطلب من معالي المشرف عليها الشيخ حسن بن عبد الله آل الشيخ - رحمه الله -، وظل ثلاث سنوات حتى أصبح رئيساً لتحريرها منذ عام 1404هـ وحتى عام 1428 هـ، واستمر كاتباً أسبوعياً في صحيفة الجزيرة حتى اليوم.
مسيرته في الإذاعة والتلفزيون
1. في بداياته تعاون مع الإذاعة بإعداد بعض البرامج.
2. قدم برنامجا اسمه (من القلب) لعدة سنوات.
3. تعاون مع التلفزيون بداية عام 1400هـ، وكان أشهر برنامج قدمه «رحلة الكلمة» الذي استمر لسنوات طويلة واستضاف فيه عدداً كبيراً من رموز المشهد الثقافي العربي والمحلي.
مسيرته في التأليف والنشر:
1. كتاب «الشيخ حسن آل الشيخ الانسان الذي لم يرحل»
2. كتاب «أشرعة للوطن والثقافة»
3. كتاب «رؤية حول تصحيح صورة بلادنا وإسلامنا»
4. كتاب «غاب تحت الثرى أحباء قلبي»
5. كتاب «الثقافة الورقية في زمن الاعلام الرقمي»
6. كتاب «قراءة في جوانب الراحل د. غازي القصيبي الإنسانية»
7. كتاب «الدكتور عبد العزيز الخويطر: وسم على أديم النزاهة والوطن»، هذا الكتاب الذي أهداه إلى سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - أيده الله - والتقطت له تلك الصورة الشهيرة التي تتصدر حسابه في منصة X.
8. كتاب «مرافئ على ضفاف الكلمة»
خارطة حضوره في منصة X:
رغم عشقه للورق ورائحة الورق: كتاباً أو مجلة أو جريدة، فإنه لم يتخلف عن ركب المعاصرة، ورأى أنها لغة العصر والأهم هو المحتوى والوصول إلى شرائح القراء فأطلق حسابه في منصة اكس وكتب بالتعريف لنفسه:
الحرف أمانة، كاتب رأي يسعى ليكون ما يغرده يبث المحبة لا لغماً يزرع الكراهية».
وهذا منهجه في عالم الحرف بل في حياته اليومية، فقد أطلق حسابه في المنصة عام 2011 م قبل 13 عاماً، وقد بلغت تغريداته أكثر من 104.901 ألف تغريدة، ويتابعه أكثر من 196000 وهو ينشر ويكتب عن الجمال والوفاء والبر والخير ويعشق الوطن بكل مكوناته، ومن خلال رصد سريع لحضوره في منصة x ، وجدت أن هناك معالم ثابتة في حسابه، حسب ساعات النهار والليل:
1. إشراقة ..
تغريدة يومية في توقيت ثابت كل صباح، ينشر من خلالها ما يعزز من خلالها قيمة «التفاؤل» وينشر الأمل في نفوس متابعيه.
2. بوح الشفق ..
تغريده يومية فيها ملامسة وجدان متابعيه في منصة X، في موعد ثابت بشكل يومي قبل الغروب، يرسم من خلالها تحولات النفس البشرية، ويشارك متابعيه الهموم ويسلط الضوء من خلال حروفه الدافئة على مساحات الأمل والحلم الجميل.
وهو مستمر على هذا المنهج في التغريد، حتى أصبحت هذه التغريدات تشكل تضاريس حسابه على منصة X، وتميزه عن غيره، مما منح حسابه في ذهنية المتابعين هوية بصرية خاصة ومعالم ثابتة تميز حسابه عن بقية الحسابات خاصة وأن الأستاذ حمد صاحب مفردة جميلة ولديه قدرة فائقة في العزف على أوتار النفس البشرية في جميع حالاتها الفرح والحزن والألم والفراق واللقاء.
خارطة حضوره الاجتماعي
حمد القاضي وجه اجتماعي، له حضوره الفاعل والمؤثر في مجتمعه من خلال حضور المناسبات الاجتماعية أو الإشارة إليها من خلال حسابه في منصة x، بل يحرص كامل الحرص على الكتابة من خلال زاويته الصحفية عن رجالات الوطن من العلماء والقضاة والأطباء والمهندسين ورجال الأعمال، لا يشيد بذواتهم فقط، بل يسلط الضوء على أعمالهم وإنجازاتهم الوطنية نشراً لثقافة الإنجاز والعطاء من أجل الوطن، ومحاولة منه في منح تلك الشخصيات الوطنية ما تستحق من «الرمزية»، في ذاكرة الوطن.
حضوره في الصالونات الأدبية في المملكة
قلت «حضوره» وليس فقط» علاقته» بالصالونات الأدبية» في بلادنا، فقبل ( 22 ) عاماً عندما كنت سكرتيراً لتحرير المجلة العربية، إبان رئاسته لتحريرها، هو من وجهني بتوثيق تلك الصالونات الأدبية ورصدها، بل ووجه بنشرها على شكل باب ثابت بشكل شهري في المجلة مما أعطى أصحاب الصالونات الأدبية الحضور المستحق وأصبحوا يتنافسون في إرسال مادة الصفحة وهي معلومات شاملة عن الصالون الأدبي وصاحبه ومنجزه الثقافي بل وأرقام التواصل مع أصحاب تلك الصالونات آنذاك، مما أوحى لي بجمع مادة تلك الصفحة التي كان اسمها «منابر ثقافية» وإخراجها في كتابي الأول والأثير عندي «الصالونات الأدبية في المملكة العربية السعودية .. رصد وتوثيق» ثم أكرمني أستاذي حمد بأن كتب مقدمة الكتاب.
أصدقاء العمر:
• الأستاذ منصور الخضيري
عندما أخبرته عن هذا اللقاء قبل أيام أرسل لي عبر الجوال، حيث إنه خارج الوطن هذه الأيام فكتب لي: «سعدت برسالتك الجميلة وموضوعها الأجمل المتمثل في الحديث عن تجربة حبيبنا وأخينا الغالي أبي بدر وعطائه المتميز. وهو لقاء وفاء ومحبة وكنت أتمنى الحضور فالمتحدث والمتحدث عنه عزيزان علي، لكني أعتذر لوجودي خارج المملكة تحياتي».
وسبق أن كتب عنه: «سعدت بمعرفته أيام دراستنا الجامعية بكلية اللغة العربية بالرياض وكان هو في بداية مشواره الصحفي وأنا بدأت أتعاون مع الإذاعة فكتب عني مشجعاً الشباب على الالتحاق بالعمل الإعلامي، ثم توثقت العلاقة خلال دراستنا لدرجة الماجستير في مصر مع العزيزين د. علي الخضيري والدكتور عائض الردادي».
الدكتور عائض الردادي
كتب عنه يصف سياسته في التحرير إبان رئاسته للمجلة العربية فيقول: «مما عني به في المجلة العربية» الذكريات» و»المذكرات» للمثقفين، وهم يروون سيرهم الذاتية مثل «التباريح» لأبي عبد الرحمن بن عقيل الظاهري، ورحلة «الأمل والألم» لأحمد بن علي المبارك و»نفحات من الماضي العبق» للدكتور يوسف عز الدين، و»مذكرات صحافي ناقص الذاكرة» لعلوي طه الصافي وغيرهم. وأهم تلك السير سيرة علامة الجزيرة حمد الجاسر-رحمه الله-التي نشرت في المجلة العربية تحت عنوان « من سوانح الذكريات « خلال الفترة من رجب 1406هـ (مارس 1986م ) إلى رجب 1417هـ ( أكتوبر 1996م )
الأستاذ إبراهيم التركي كتب عن حمد الوفاء: «ولعل من الكنوز التي تحملها جوانحه وفاءه للجميع ومع الجميع، وكتبه الوفائية ومحاضراته عن الشيخ حسن آل الشيخ والشيخ حمد الجاسر والدكتور عبد العزيز الخويطر والدكتور غازي القصيبي مشهودة، ومما لا يعرفوه الأكثرون أننا قد كونا – خارج مدارات الإعلام – مجموعة لأوفياء الكلمة عرابها أبو بدر، وكرمنا فيها الأستاذ عبد الله الناصر والشيخ أبي عبد الرحمن بن عقيل الظاهري والدكتور خالد العنقري وغيرهم وتوقفت مؤقتاً بسبب الجائحة الكوفيدية».
مؤلفات عنه:
1. فارس الثقافة والأخلاق حمد بن القاضي، تأليف الأستاذ الباحث يوسف العتيق (ملتقى الوراق 1429هـ )
2. سفير الأدباء حمد بن عبد الله القاضي السيرة والمسيرة (نادي جدة الثقافي الأدبي - 1443هـ)
تكريمه:
3. وزارة الثقافة والإعلام في 22 يناير 2008م
4. ملتقى الوراق
حزنه الأول:
كتب حمد القاضي في منصة X:
«ما أكرمني ربي بشيء جميل إلا تمنيت لو أن (أميمتي) رحمها الله موجودة لأرى بريق السرور لعينيها ليتضاعف فرحي بفرحها وأهنى بدفء دعواتها»، والأستاذ حمد فقد أمه وهو في سن السابعة من العمر، فبكاها طويلاً، وافتقد حنانها، واستمر الألم واستمرت ذكرى فقدان الأم تلاحقه حتى بعد أن كبر وتزوج وأنجب، لذا نراه يهدي كتابه «مرافئ «على ضفاف الكلمة» إلى أمه رحمها الله بعبارات تفوح براً وتلتهب ألماً في الوقت نفسه حيث يقول: « إلى أمي موضي بنت صالح العليان - رجمها الله - تلك التي رحلت في طفولتي ففقدت حنان أمومتها، فأدلجت أبحث عن هذا الحنان بين حبر الكلمات وحب الناس وحنان الأوفياء .. وقد لقيت -بحمد الله- كثيراً مما افتقدته !!! »
وقفة أخيرة:
دعوني أتوقف قليلاً في محطة خاصة جمعتني بأستاذي حمد القاضي ورسمت معالم معرفتي الشخصية به، إذ عرفته عن بعد كاتباً كغيري من أبناء جيلي في صحيفة الجزيرة من خلال زاويته الشهيرة «جداول»، وعرفته أكثر من خلال «ضحوية» شيخي حمد الجاسر -رحمه الله- إبان حياته، بمنزله «دارة العرب» بحي الورود بمدينة الرياض، وقد كان الأستاذ حمد القاضي ممن يحرص أشد الحرص على حضور تلك «الضحويه» ضحى كل يوم الخميس في حدود الساعة التاسعة صباحاً، فمنذ أن بدأت علاقتي بتلك الجلسة الضحوية عام 1414هـ التي كان يخصصها الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله- لمحبيه وتلاميذه وزواره من داخل الرياض وخارجها بل ومن خارج المملكة، والأستاذ حمد القاضي عرفته ممن يلازمون تلك الضحوية حضوراً ومتابعة وإشارة اليها في الصحف والمجلة العربية، ثم أكرمني الله بالعمل معه في المجلة العربية عام 1419هـ سكرتيراً للتحرير إلى عام 1429هـ، عندما تولى رئاسة تحريرها الدكتور عثمان الصيني، وكان مكتبي في المجلة العربية بمبناها المعروف بحي الملز ولازالت حتى الآن في نفس المبنى، كان مكتبي بجوار أستاذي سعيد الصويغ مدير التحرير، الذي سبقني إلى المجلة بسنوات ودعمني كثيراً في مسيرتي الصحفية.
من خلال عملي في سكرتارية التحرير عرفت الأستاذ حمد القاضي عن قرب، وتعرفت على شيئ من أسرار نجاحه في إدارة المجلة، وكيف يدير فريق التحرير؟ وكيف استطاع بناء شبكة علاقات واسعة مع الكتاب والمثقفين داخل المملكة وخارجها، بل مع القراء، حيث إنه نجح بامتياز في جعل المجلة العربية تصل إلى جميع شرائح المجتمع بتنوع موادها التحريرية وجودة حواراتها الشهرية، وحضورها المستمر في معارض الكتاب في الداخل والخارج، بل وحضورها في الفعاليات الوطنية مثل المهرجان الوطني للتراث والثقافة ( الجنادرية ) وفعاليات الاحتفاء بمرور مئة عام على تأسيس المملكة، ومهرجانات الصيف في أبها وغيرها من المناسبات الثقافية.
ومن خلال عملي التحريري، خلال هذه السنوات العشر رأيت منه طيب المعشر والهدوء واللطف البالغ في التعامل مع المحررين والكتاب واستيعابه للجميع بتواضعه ونبله الأصيل، لم أسمعه طيلة هذه السنوات معاتباً أو غاضباً أو رافعاً لصوته، وما يطلبه أي محرر أو موظف في المجلة إلا وجده صديقاً صادقاً وأباً حنوناً يساعد المحتاج ويهنئ من يعيش فرحاً ويعزي ويواسي من يمر به غمامة حزن باتصال أو رسالة أو زيارة.
وما لا يعرفه الكثيرون أن الأستاذ حمد القاضي كان يستعمل لوناً واحداً من الأقلام عند «الشرح» أو التوجيه من خلال كتابة ملاحظاته التحريرية، أذكر أنه لا يستعمل إلا القلم الأخضر والذي أصبح علامة خاصة به، فإذا رأينا الشرح أو التعليق بهذا اللون المحبب للنفوس قرأنا كلاماً أنيقاً واضحاً وقريباً إلى النفس، إنه ينشر بهذا اللون الأخضر ثقافة الطمأنينة وراحة العيون المرهقة من أعمال التحرير والمتابعة، يا له من إنسان حتى «لون القلم» يختاره بعناية، إنه «الأخضر» لون الطمأنينة والنماء وربيع القلوب، ليسجل التأريخ أن حمد القاضي هو «الربيع» لكل من اقترب منه أو تعامل مع حتى حروفه «الخضراء» التي تزيد من مساحة الربيع في أيامنا وليالينا وحياتنا، إنها رسالة القاضي الخضراء لمن يعرفه أو لا يعرفه، يريد أن يشعر الآخر بأنه «الربيع» في التعامل خضرة وأريجاً وطمأنينة وسكينة روح.
الخاتمة:
هذا شيء يسير من قراءتي العجلى لتجربة حمد القاضي الكاتب والأديب وعلاقته بالمجتمع في إطاره الخاص بمجتمع الأدباء والمثقفين وفي إطاره العام الشامل، ويبقى حمد الإنسان رغم قربي واقترابي منه منذ أكثر من ربع قرن، فإنني عاجز أتم العجز، أن أرسم زاوية من زوايا هذا الإنسان المغموس في محبة الناس ونفعهم والوقوف معهم والدفاع عن قضاياهم والوفاء والإخلاص لهذا الوطن قيادة وشعباً.