رمضان جريدي العنزي
السمعة الحسنة والذكر الطيب هي رأس مال المرء، السمعة الحسنة نعمة يضعها الله للعبد في نفوس الناس، ويُجرِيها على ألسنة الخَلْق، والذكر الطيب معيار من معايير القيم والأخلاق، يرجع إليه الناس، ويزنون بها أقدار الرجال، إن السمعة الحسنة والذكر الطيب صفات الطيبين الأخيار، الذين يدوم عطاؤهم ونفعهم في كل المجالات، قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: (إذا أراد الله بعبده خيرًا عسَّلَه. قيل: يا رسول الله، وما عسله؟ قال: فتح له عملًا صالحًا بين يدي موته، حتى يرضى عنه مَنْ حولَه)، إن السمعة الطيبة والسيرة الحسنة مراد كل إنسان عاقل لبيب، إن الإنسان صاحب السمعة الحسنة، والذكر الطيب، كالنحل لا يأكل إلا طيباً، ولا يخرج إلا طيباً، عكس الآخر الذي أظلم قلبه، وضعفت همته، وانتكست إرادته، وصغرت نفسه، ووهن عمله، وخبأ ذكره، وساءت سمعته، فهذا لعمري صاحب الخسران المبين، فليس له أعمال صالحة، ولا أعمال نافعة، ولا أثر جميل، لا أحد يشكره، ولا أحد يذكره، وكأنه لا كان ولا وجد.
إن الذي ينفع البشرية بأي وجوه النفع، يبقى له ذكراً في الدنيا، وصيتاً عبر القرون، كالكرماء، والمخترعين والمكتشفين والمبدعين، يبقى ذكرهم، وتحفظ سيرتهم الطيبة الحسنة، وأفعالهم المغايرة، جزاء ما قدموا وما نفعوا وما فعلوا، إن الإنسان العاقل اللبيب يجب أن يحتاط لنفسه، ويتحرز لسمعته، ويحفظ كرامته، ويعلوا باسمه واسم عائلته وعشيرته وبلده ووطنه، إن الأعمال الجليلة، والآثار الجميلة، والفِعَال الحميدة هي التي تخلِّد ذِكر صاحبها، وتُورِثه حياةً بعد الممات، وتبقي له ذكراً وثناءً، وحمداً ودعاءً، كم من أحد قد غيَّبه الأجل، وطواه الموت، ولازالت مآثرُه وآثارُه ومفاخِرُه تبعَث في المجالس طيباً، وتنشر في الآفاق عرفاً وأريجاً، عاش في الناس حياً متحركاً، وجسده في القبر بالٍ ورميم:
قد ماتَ قومٌ وما ماتَتْ مكارٍمُهم
وعاشَ قومٌ وهُم في الناس أمواتُ
إن قِيلَ ماتَ فلم يمُتْ منْ ذِكرُهُ
حيٌّ على مرِّ الأيّامٍ باقي
إن السمعة والذكر محصلة عمل المرء وثمرة تصرفاته وسلوكياته؛ فإما أن تكون حلوة خضرة لذيذة يفرح بها في دنياه، ويبشر بها في أخراه، وإما أن تكون مرة علقماً تخرجه في دنياه وتؤسفه في أخراه.
قال الشاعر:
السمعة الطيبة والصيت حظ ونصيب
والمرجلة بنت والفعل المشرف مهر
كم واحدٍ لو يطيب له الزمن ما يطيب
وكم واحدٍ لو يشين الوقت صيته ظهر
وكم واحدٍ لو يموت اسمه لايمكن يغيب
وكم واحدٍ حي ،، كنه ميتٍ له دهر