تغريد إبراهيم الطاسان
حُظيت المملكة منذ تأسيسها، بشرف احتضان الحرمين الشريفين وخدمة الحجاج والمعتمرين وضيوف الرحمن، حيث تستقبل سنويًّا ملايين المسلمين من جميع أنحاء العالم، إلى جانب مواطنيها والمقيمين فيها، لأداء فريضة الحج ومناسك العمرة، من أجل ذلك جعل حكام هذه البلاد الطاهرة راحة زوار المقدسات في مقدمة اهتماماتهم، لذلك فالمملكة تبذل جهودًا كبيرةً في الوقت الذي تسخّر فيه كافة إمكاناتها، من أجل راحة زوار الحرمين حتى يؤدوا مناسكهم بكل يسر وسهولة وطمأنينة وأمان يبدأ منذ وصولهم وحتى مغادرتهم، وهو نهج سارت عليه هذه البلاد منذ توحيدها على يد الملك عبد العزيز، طيب الله ثراه، وصولًا إلى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله.
وخلال مسيرة وطنية دامت لأكثر من 93 عامًا، سجّلت منظومة الحج والعمرة إنجازات متعددة أسهمت في تسهيل إجراءات قدوم الحجاج والمعتمرين، ورفع جودة الخدمات المقدمة لهم وإثراء تجربتهم الدينية والثقافية، ومن بين هذه الإنجازات يبرز برنامج خدمة ضيوف الرحمن الذي أُطلق تحقيقًا لرؤية السعودية 2030 التي جعلت ضمن أهدافها تمكين أكبر عدد من المسلمين من أداء فريضة الحج ومناسك العمرة من خلال رفع تطوير الكوادر البشرية وتأهيل البنية التحتية لتحقيق هدف البرنامج برفع جاهزية المملكة لاستضافة 15 مليون معتمر بحلول عام 2025، مما يسهم في تعزيز مكانتها كوجهة يقصدها المسلمون من شتى بقاع الأرض.
ولعل من أبرز ما يميّز هذا البرنامج هو اشتماله على العديد من المبادرات التي سهّلت رحلة ضيوف الرحمن لينعموا بتجربة إيمانية ثرية ومتكاملة منذ وصولهم وحتى مغادرتهم، وتأتي مبادرة طريق مكة التي تنفّذها وزارة الداخلية للعام السادس على التوالي بالشراكة مع مختلف الأجهزة الحكومية كإحدى أهم هذه المبادرات التي تهدف إلى تقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن بكوادر وطنية من رجال ونساء مؤهلين ومدربين وفق أعلى المستويات وباستخدام أحدث التقنيات المتطورة التي تساهم في إنهاء إجراءات الحاج بوقت قياسي وبدقة عالية، بما يعكس الصورة المشرِّفة والحضارية للمملكة في خدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن.
وتُعنى هذه المبادرة باستقبال ضيوف الرحمن، وإنهاء إجراءاتهم من بلدانهم بسهولة ويسر، بدءًا من إصدار التأشيرة إلكترونيًّا وأخذ الخصائص الحيوية، ثم إنهاء إجراءات الجوازات في مطار بلد المغادرة، بعد التحقّق من توافر الاشتراطات الصحية، إضافة إلى ترميز وفرز الأمتعة وفق ترتيبات النقل والسكن في المملكة، وعند وصولهم ينتقلون مباشرة إلى الحافلات لإيصالهم إلى مقارّ إقامتهم في مكة المكرمة والمدينة المنورة، بمسارات مخصصة، في حين تتولى الجهات المختصة إيصال أمتعتهم إلى مساكنهم.
ولا شك أننا نستشعر اليوم عظمة جهود بلادنا، ونشعر بالفخر والاعتزاز عندما نسمع عبارات الشكر والامتنان من ضيوف الرحمن ونراها في تعابير وجوههم، وأيضًا عندما نقرأ ونشاهد ما تتناقله وسائل الإعلام الخارجية من إشادات بهذه المبادرة التي عدّوها لفتةً إيجابيةً تُضاف إلى الجهود الكبيرة والنوعية التي تنفّذها المملكة لتوفير أفضل وسائل الراحة وتخفيف عبء السفر لضيوف الرحمن من سرعة إنجاز وتسهيل إجراءات مغادرتهم من بلادهم وصولًا إلى أرض المملكة لتأدية مناسك الحج والعودة لبلادهم حاملين ذكرى جميلة وخاصة طول حياتهم، وعلى التميز العالي الذي تتمتع به جهاتنا المسؤولة وشبابنا الواعد في إدارة الحشود بمهارة وسلاسة واحترافية..
لذلك وأكثر.. كل الشكر والتقدير؛ أصالة عن نفسي ونيابة عن كافة أبناء الشعب السعودي؛ لقيادتنا الحكيمة على اهتمامها وعنايتها ورعايتها بالحرمين الشريفين وتوفير سُبل الطمأنينة والتيسير لقاصديهما من الحجاج والمعتمرين والزوار، وحرصها على تقديم أفضل وأجود وأرقى الخدمات لهم، وأسأل الله تعالى في هذه الأيام المباركة أن يوفق الحجاج لإكمال نسكهم، وأن يتقبل حجهم، وأن يعيدهم إلى ديارهم سالمين.