د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
زاد الاهتمام الدولي بالرقائق الإلكترونية بعد جائحة كورونا التي أثرت على الصناعات الكبرى بسبب استخدام هذه الرقائق المزدوج كسيف ذي حدين في المنافسة الدولية في كافة القطاعات، وبدأت أصوات في الغرب تطالب بالحمائية بعد تعطّل وصول الواردات، وبدأت ترصد ترحيل النشاط الصناعي خارج الغرب نتيجة النقص الحاد في مثل تلك السلعة الإستراتيجية التي تستخدم في نشاطات صناعية على رأسها النشاط العسكري نتج عنه سباق تكنولوجي عالمي بين الصين والغرب بسبب أن هناك أهمية قصوى في أشباه الموصلات والرقائق الإلكترونية في الترابط التكنولوجي وفي المنافسة على الكم والنوع أيضاً.
بدأت أوروبا في تخصيص 15 مليار دولار لصناعة الرقائق الإلكترونية، وخصصت الولايات المتحدة نحو 52 مليار دولار، وخصوصاً أن tsmc التايوانية تستحوذ على 80 في المائة من السوق العالمية وهي متفردة في صناعة الرقائق الدقيقة جداً، وبشكل إجمالي تستحوذ على 55 في المائة من إجمالي المبيعات هي وشركة سامسونغ اللتان تستحوذان بشكل خاص على الرقائق الإلكترونية الدقيقة 5 نانومتر التي يمكن أن تحمل مليارات من الترانزستور تساهم في تقليل التكلفة وسرعة نقل البيانات، بينما بقية الرقائق الأخرى 10 نانومتر وأكثر.
ما يجعل الولايات المتحدة تحرص على استقلال تايوان وتدعم الشركة بنحو 6.6 مليار دولار، فيما بقية الشركات الأمريكية تسيطر على باقي النسبة مثل intel,micron,qualcomm,Broadcom,nvidia جميعها امتلكت نحو 47 في المائة من إجمالي المبيعات في 2019، ويتوقع أن تبلغ القيمة السوقية مع بداية عام 2024 نحو 600 مليار دولار وتنمو سنوياً نحو 15 في المائة، ونمت ما قبل جائحة كورونا منذ عام 2019 نحو 60 في المائة، وتستحوذ ثلاثة قطاعات صناعية في استخدام الرقائق الإلكترونية، فنحو 27 في المائة من تلك الرقائق تستخدم في أجهزة الهواتف الذكية، ونحو 17 في المائة في أجهزة الخوادم ونحو 11 في المائة في أجهزة السيارات الحديثة.
وزادت أهمية الرقائق الإلكترونية حينما رفضت الشركة التايوانية إقامة مصانع لها في أوروبا وبشكل خاص في ألمانيا، لكنها دشنت الشركة مصنع لها في اليابان بقيمة 8.6 مليارات دولار لمنافسة اليابان الصين وأوروبا وأمريكا، اعتبرت ألمانيا أن تلك الرقائق الإلكترونية هي بمثابة أمن قومي لتأمين سلاسل التوريد والحاجة الماسة إليها للحفاظ على التفوق الاقتصادي والتقني خصوصاً في المنافسة الدائرة بين الصين وأمريكا تود ألمانيا أن تكون على درجة عالية من منافستهما.
ترى السعودية أن تصنيع أشباه الموصلات النفط الثمين في هذا العصر تأتي أهميتها لتحقيق التحول الذي تسير فيه السعودية، وهذه الرقائق تدخل في كل الصناعات الحيوية، خصوصا وأنها تدخل عالم الرقمنة الحديثة التي تعتمد على أجهزة الاتصالات وتحليل البيانات وخصوصاً أن السعودية تحتل المرتبة الثالثة عالمياً والأولى إقليمياً بين 198 دولة بنسبة 97.69 في المائة في مؤشر ممكنات التحول الرقمي الحكومي لتكون السعودية ضمن مجموعة الدول المتقدمة جداً بالتصنيف A في جميع المؤشرات الفرعية.
دخلت السعودية مرحلة ذهبية متميزة لاقتصادات منطقة الخليج لقيادة قطاع التكنولوجيا العالمي في الوقت نفسه، وحرصت على توفير بنية تحتية قوية للشركات لتصبح بيئة اقتصادية جاذبة ناتجة عن وجود رؤية اقتصادية بعيدة المدى، فضلاً عن الأداء والنتائج المتحققة، لذلك يعتبر البرنامج السعودي ssp الذي أعلنت عنه السعودية في 2022 الأول في المنطقة لدعم البحث والتطوير وتأهيل الكوادر البشرية في مجال تصميم الرقائق الإلكترونية وتوطينها، ما جعل السعودية توقع مع كاكست شراكة إستراتيجية مع شركة سي دي تي الدولية المحدودة لتطوير صناعة الرقائق الإلكترونية في السعودية من خلال تأسيس رؤية مشتركة وخطة لدعم تحقيق أهداف البرنامج السعودي للرقائق.
يخطط صندوق الاستثمارات السيادي لضخ استثمارات كبيرة في كل من صناعة أشباه الموصلات والفضاء لتسريع جهودها لتنويع اقتصادها بعيدا عن الاعتماد المفرط على النفط خصوصا وأن السعودية اتجهت نحو صناعة السيارات الكهربائية وتقوم شركة لوسيد بتجميع السيارات ومن المتوقع أن تنضم إليها شركتا هيونداي وسير والأخيرة هي علامة تجارية أنشأها صندوق الاستثمارات العامة، تتضمن الخطة أيضا تطوير الصناعات التابعة التي من المتوقع أن تشمل تصنيع أشباه الموصلات والبطاريات.
سبق أن فاوضت السعودية عدد من الشركات منها شركة فوكسكون تكنولوجي جروب أحد أكبر موردي شركة الإلكترونيات الأمريكية العملاقة آبل لإقامة مصنع فيها بتكلفة تبلغ 9 مليارات دولار مصنع متعدد الأغراض لإنتاج الرقائق الإلكترونية ومكونات السيارات الكهربائية وغيرها من الإلكترونيات، كذلك مع شركة نانو كيورز إنترناشيونال لهندسة الرقائق الإلكترونية التي تصمم نماذج من الرقائق الخاصة يقع المصنع في حائل لإحداث ثورة تكنولوجية في قطاع الرعاية الصحية، تود السعودية أن تصبح تايوان الشرق الأوسط.
تسعى السعودية لتصبح لاعباً رئيسياً في الذكاء الاصطناعي من خلال أيضاً شراء الآلاف من وحدات معالجة الرسوم GPU من إنفيديا والتي تعتبر حيوية في تعزيز طفرة الذكاء الاصطناعي التي اجتاحت الأسواق، ووفق صحيفة فايننشال تايمز أن السعودية اشترت الآلاف من رقائق إنفديديا عالية الأداء بسعر 40000 دولار للقطعة وذلك لتعزيز بناء برامج الذكاء الاصطناعي الذي تم دخوله رسمياً.