م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - يُعَرِّف الأستاذ حسن النعمي الرواية بأنها: «نص موازٍ للواقع.. تأخذ منه بقدر ما تعيد إليه من أسئلة وافتراضات واستجوابات».. فالرواية تعمل على مكونات الصورة المهمشة.. فلا تُكْتَب الرواية عن المنجز أياً كان قدره أو عظمته.. لكنها تؤثر في منطقة الانكسار رغبة في تغيير مكوناته.. وإذا كان الواقع اعتباطياً في تكوينه غرائبياً في حوادثه فإن الرواية عكس ذلك من حيث كونها منطقية.. وهي ذاتية لأنها تنطلق من منظور كاتبها.. وهي حوارية لأنها تدفع بقارئها لاعتقاد ما يراه هو لا ما يراه كاتبها.
2 - ثم يضيف النعمي أن الرواية تتغذى في وجودها من التحولات التي تصيب المجتمع.. كما تستمد طاقتها من هامش الحركة الذي يسمح به المجتمع للروائي خصوصاً في المناطق المحرمة أو المسكوت عنها.. فالروائي ليس سوى عين تلتقط وتشكِّل وتخلق عالمها الذي يسعى إلى التنوير.
3 - الرواية قصة طويلة يمتدّ بُعدها الزمني بطول عمر البطل أو إلى أجيال بعده.. وتتصف الرواية بشمولية الحياة، وتفرّع الأحداث، وتعدّد الشخوص.
4 - الرواية في مطلع نشأتها كانت تصور البنية السطحية للواقع الظاهر المشاهد للمجتمع.. ثم مع تطور هذا الفن بدأ التركيز على البنية العميقة لواقع المجتمع والكشف عن تعقيده وفلسفته وحركته واتجاهه.. وهي في عالم اليوم الجنس الأدبي الأقدر على التعبير عن الأشياء والأشخاص والأحداث بظواهرها وبواطنها وبحدود قصوى ومن زوايا متعددة بعيداً عن المباشرة الفجة.
5 - يمتلك الراوي مساحة واسعة تستوعب جميع التفاصيل الدقيقة، والحوارات الهامشية، ورسم ملامح الشخوص، وسبر أغوار نفوسهم، ووصف تفاصيل المكان، والإنصات إلى أماني الناس وأحلامهم ونواياهم.
6 - الروائي في البيئات المنغلقة المتشددة أو في ظل الحكومات الدكتاتورية المستبدة.. لا يجد مفراً من أن يجعل شخوص وأبطال رواياته من بيئات أخرى.. أو يخترع مسميات خيالية رمزية.. وحتى تستطيع تفكيك رمزيتها يجب أن تدخل في ضمير الروائي ونواياه.. فتجد أنك لم تَعُد تقرأ الرواية بل تقرأ ما بين السطور وما خلفها.. وتحاول ربط كلمات شاردة في الرواية بخلفياتك عن كاتب الرواية.. حتى أسماء أبطال الرواية تصبح مهمة عسيرة.. فالتشابه بين الأسماء في الرواية وبين أسماء شخوص حقيقيين والحذر من الوقوع فيه يجعل الروائي يختار أسماء من خارج بيئة الرواية.. فتظهر الرواية كهجين غير ذات معنى.
7 - نقاد الروايات قليلو الاتفاق فيما بينهم على الرواية الواحدة.. وسوف تفاجأ أن منهم من يراها فتحاً يستحق الاحتفاء والتمجيد.. وآخرون يرونها تافهة مسطحة غير مفهومة وأنها خارج نطاق المكان والزمان والأحداث.. وهكذا.
8 - تختلف الرواية عن القصة القصيرة في أنها تعتمد على التجميع.. وتتوسع في الوصف.. وتتيح مجالاً للاستطرادات وذِكْر الشواهد.. بمعنى أن الرواية كما يصفها كُتَّاب الروايات تُتَابِع النهر من النبع إلى المصب.. بعكس القصة القصيرة التي يكون فيها التركيز عالياً واللغة مكثفة.. وتهتم بدوامة واحدة على صفحة مياه النهر.. بمعنى أنه في القصة القصيرة لا مجال للاستطراد أو التوسع في الوصف.