سارا القرني
قبل أيام تداولت وسائل التواصل الاجتماعية مقطعاً انتشر كانتشار النار بالهشيم.. عن حشد 2000 جندي من الجيش و1000 من أفراد الشرطة في شوارع السلفادور للقضاء على 18 عصابة جديدة من تجار المخدرات في البلاد، وهذا الانتشار جاء صدى لما تداوله معظم مواطني الولايات المتحدة مطالبين حكومتهم بأن تحذو نفس حذو السلفادور في حربها على تجارة المخدرات، ومنوهين بأن من الأولى أن تبدأ أمريكا ذلك.. وليس دولة فقيرة ولا تملك إمكانيات كإمكانيات بلادهم كالسلفادور!
نجيب بُقيلة.. الرئيس السلفادوري من أصول فلسطينية، انتُخب عام 2019م بعد طرده من حزبه السابق، وبعد تأسيس حزبه السياسي الخاص «أفكار جديدة» وبعد حل حزب التغيير الديموقراطي في البلاد، سلسلة من الأحداث جرت لهذا الرجل.. لكنه كان مصمماً على هدفه حتى استلم زمام الأمور في بلاده وفاز بالانتخابات بنسبة 53 % من الأصوات، وشنّ حرباً شرسة ضد المخدرات، وسجن أكثر من 75000 شخص.. وذلك رداً على مقتل 80 شخصاً خلال عطلة أسبوع واحدة على يد العصابات السلفادورية، وشدد الحراسة على السجون، محذراً من هروب المروّجين وكبار التجار، واتهمته بعض البلدان الأمريكية بانتهاك حقوق الإنسان، لكنّ ذلك لم يردعه عن غايته.. فانخفضت جرائم القتل بنسبة 50 % خلال عامه الأول في منصبه 2019م، حتى وصل انخفاضها إلى 60 % تقريباً عام 2022م، وبسبب هذه الحملة أصبح لدى السلفادور أعلى معدل سجن في العالم اعتباراً من عام 2023م، ثمّ انخفضت نسبة جرائم القتل إلى 70 % في عام 2023 بواقع 2.4 لكل 100 ألف، وهو مستوى قياسي منخفض أقل من أي دولة أخرى تقريباً في أمريكا اللاتينية.
حظي رئيس السلفادور الحالي بمعدلات قبول قياسية لدى الشعب السلفادوري وصلت إلى 90% طيلة فترى حكمه، مما قاده إلى الفوز بولاية ثانية بعد إعادة انتخابه في فبراير 2024م بنسبة 84.65 % من الأصوات!
تركيزي هذه المرة ليس على كل الأرقام التي حققها رئيس السلفادور ولا معدلات الانخفاض الهائلة التي وصلت إليها بلاده في عهده، بل على ما اتهمته به بعض الدول الغربية بأنّ نظام حكمه استبدادي، وصل إلى الدكتاتورية في بعض الأحيان، فيما وجهت بعض الدول الأمريكية اتهامات بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان لقوات الأمن السلفادورية، جراء حربهم الشرسة على المخدرات والجريمة في البلاد!
ماذا على الحكومة فعله إذا انتشرت الجريمة؟ هل توقف المجرم وتاجر المخدرات بلطف وحنان كي لا تُتهم بانتهاكها لحقوق الإنسان؟ صحيح أنّ هنالك من يتجاوز الحدود في مسألة تطبيق الأمن، والعنف مرفوض إذا لم تكن لاستخدامه حاجة، لكنه أمرٌ مطلوب أحياناً إذا تفشت هذه الجرائم وانتشرت وباتت مهدداً لأمن البلاد والمواطنين.
ومن الطبيعي أيضاً.. أن تحذو جميع دول العالم حذو السلفادور، والتي سبقتها إليها مملكتنا الحبيبة بحربها الشرسة على المخدرات والجريمة، وأصبحت كما كانت من قبل.. أكثر دول العالم أمناً والحمد لله.