العقيد م. محمد بن فراج الشهري
إسرائيل ضربت بكل القوانين الدولية عرض الحائط، وأفقدت مجلس الأمن وهيئاته والأمم المتحدة ومنظماتها أفقدتها هيبتها، ومكانتها على مستوى السلم العالمي، وحتى محكمة العدل الدولية ضربت بقراراتها أيضاً عرض الحائط... ولم تلتفت لأي نداء أو مطالبات لأنها الابنة المدللة للأم أمريكا والتي تحول بينها وبين مجلس الأمن وتطبيق ما هو واجب تطبيقه، إسرائيل قتلت أكثر من (36) ألف وأكثر من (80) ألف مصاب ومعاق أغلبهم من النساء والأطفال دون أدنى وازع أو رادع أو تفكير في أي نتائج أصبحت ثوراً هائجاً ينطح كل ما أمامه، وخلفه وتحته وينطح الأمم المتحدة ومنظماتها، والعالم كأنه مشلول لايعرف كيف يتصرف مع دويلة فاشية صنعها الغرب وأمريكا وجعلوها بهذه الهمجية التي لا تعادلها همجية، ولا فاشية، دويلة مارقة، دويلة غاصت في الدم الفلسطيني وأكلت الأخضر واليابس، وأحرقت المزارع، وهدمت المباني فوق ساكنيها، وقتلت عمال الإغاثة، وجماعة الأونروا، وكذلك الصحفيين، وكل من يجدونه أمامهم، وبعد أكثر من (7) أشهر من الحرب انهار القانون، والنظام في غزّة بشكل تام، بالإضافة إلى تعرض قوافل المساعدات للنهب كل يوم، وكان يوم 10 فبراير هو أسوأ أيام النهب حتى الآن في الجنوب، وفقاً للأمم المتحدة التي قالت في ذلك الوقت، إن ما تبقى من قوات الشرطة المحلية توقف عن حماية القوافل بعد مقتل ثمانية من رجالها في غارات إسرائيلية متعمدة، وتقول جماعة الإغاثة الدولية أنه علاوة على حقيقة أن المدنيين الأبرياء في غزّة يتعرضون للقتل والإصابات، فإنهم أيضاً يتعرضون للتجويع والحرمان من العلاج الطبي...
وفقاً لاتفاقية جنيف التي لا تعترف بها إسرائيل فإن معاقبة المدنيين على جرائم لم يشاركوا فيها ترقى إلى مستوى العقاب الجماعي، وهو ما يعد جريمة حرب متكاملة.. ويحث الأمريكيون إسرائيل منذ السابع من أكتوبر على احترام قوانين الحرب (ذرا للرماد في العيون) إذ إن كل شيء واضح الأسلحة، والدعم، والمساندة سواء كانت خفية أو كانت معلنة، وكل ما تقوم به أمريكا الآن ما هو إلا تسويف لا يرقى إلى الجد إطلاقاً إذ إن إسرائيل تعبث بالأرض في فلسطين ومن عليها والأمريكان، والإسرائيليين يتبادلون التحذيرات العلنية، والأمور كلها تجري من تحت الطاولة كما يقولون، إسرائيل لديها ضوء أخضر واضح من الولايات المتحدة ولا يهمها العالم، ولا والمظاهرات، ولا الإدانات، ولا الشجب، والاستنكار من كل سكان الكرة الأرضية، أما مجلس الأمن وهيئاته فهو محل السخرية بالنسبة لإسرائيل، ولا تأبه أو تخاف من أي قرارات تصدر ضدها فهي تعلم مسبقا بأن الأم موجودة في كل الأحوال، والآن يعيش مئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين حالة ترقب، وقلق، وهلع من عملية عسكرية في رفح والتي بدأت شرارتها تظهر..
والسكان محاصرون لا يوجد أي مكان آمن يذهبون إليه.. إنها أعظم كارثة إنسانية في هذا العصر تقوم بها إسرائيل بمساندة ودعم ورعاية أمريكا وأوروبا، والمشكلة الأسوأ حالياً ستكون في (رفح) حيث تقول الأمم المتحدة أن رفح تستضيف أكثر من 1.3 مليون نازح وهم يمثلون أكثر من نصف سكان قطاع غزة ، بينما ترفع تقديرات أخرى ذلك العدد إلى 1.5 مليون شخص، وقد نزح بعض هؤلاء من أماكنهم نحو (6) مرات هرباً من القصف الإسرائيلي، ويعيش هؤلاء النازحون في ظروف مزرية داخل ملاجئ مكتظة أو في الشوارع في رقعة أرض ضيقة محاطة بالسياجات الحدودية المصرية، والإسرائيلية، والبحر الأبيض المتوسط، فضلاً عن القصف الكارثي الآن.. إذا الأمم المتحدة ومجلس الأمن وكل الهيئات ضاعت هيبتها أمام هذه الدويلة والقتل والتدمير أخذ في الازدياد، وكأن العالم كله ملك لإسرائيل ومن تبنّاها.. فهل إلى حل قريب ينهي هذه الحرب القذرة التي لم تبقي ولم تذر وكانت أكبر جريمة إنسانية، وأخلاقية ترتكبها إسرائيل في هذا العصر والعالم لا يزال عاجزا عن إيقاف جرائمها المتعددة.. والحل بيد أمريكا فهي الأم، وعليها ان تتقبل كره وبغض العالم كله لها، أو الرجوع إلى الحق، والعدل والقانون الدولي، وإرجاع هيبته.