د. محمد بن أحمد غروي
حظيت مبادرة «طريق مكة» في موسم حج 1445هـ باهتمام حكومي وإعلامي واسع من دول الآسيان، بالتزامن مع توافد الكوادر الوطنية في خدمة حجاج بيت الله الحرام في جنوب شرق آسيا.
ومن خلال رصدي وسائل الإعلام في المنطقة، شدتني تصريحات وزير الشؤون الدينية الماليزي السناتور الدكتور محمد نعيم بن مختار، الذي عبّر عن شكره لثقة المملكة في اختيار ماليزيا ضمن دول «طريق مكة»، مفاخرًا بأن دولته كانت الأولى التي انطلقت من أرضها المبادرة قبل أعوام، مختصرة بذلك معركة زحام المطارات من 8 ساعات إلى 120 ثانية فقط، ورفعت من مستوى إدارة الحج إلى مستويات ممتازة، كونها سهلت أمور الحجيج، وهو ما يمكن ملاحظته من خلال زيادة مؤشر رضا العملاء (الحجاج).
ولم يقتصر الامتنان لاختيار الرياض كولالمبور كمحطة أولى، فوسائل الإعلام تناقلت تصريحات وزير الخارجية ومسؤولين كثر في ذات الإطار، فضلًا عن مشاعر حجاج بيت الله الحرام من سعادة وبهجة في أول انطباع لما تقدمه حكومة المملكة العربية السعودية من خلال الإجراءات والتسهيلات التي وجدوها في صالة المبادرة بالمطار الماليزي قبل توجههم لطائراتهم.
من ذات المبادرة أطلقت ماليزيا وإندونيسيا على حد سواء مبادرات وتطبيقات عديدة ترقمن الحج وخطواته الروتينية، فقد عملت ماليزيا مؤخرًا على نظام عقود الحج الإلكتروني، فيما تم تطوير تطبيقات ترفع من مستوى خدمات العمرة والحج، تعمل بالذكاء الاصطناعي، لإدارة حجاج بيت الحرام، وتتماشى هذه الابتكارات مع الاحتياجات الحالية، واستثمار الوقت وتوفيره مقارنة باستخدام الطرق التقليدية.
إندونيسيا أكبر دولة إسلامية، والتي توسعت فيها المبادرة، فللمرة الأولى في موسم حج 1445هـ/ 2024 لتشمل رحلات قادمة من مطاري سولو وسورابايا، فقد عملت فيها حكومة جاكرتا على رقمنة رحلة الحج والعمل عليها بسلاسة وسهولة، ومن ذلك ابتكارها لتطبيق «Kawal Haji- مرافقة الحج»، والذي يسمح للحجاج والضباط والعائلات والجمهور، مراقبة تنفيذ فريضة الحج، وهو يحتوي على ميزتين رئيسيتين، الأولى تتمثل في تقديم تقارير عن الحجاج، خاصة فيما يتعلق بخدمات الاستهلاك والإقامة والنقل، كما يمكن له أيضًا مساعدة الحجاج الذين انفصلوا عن مجموعتهم أو نسوا الاتجاهات إلى فنادقهم، أما الميزة الثانية له، أنه يمكنه تتبع موقع وحركة ضيوف الرحمن، وبالتالي دعم جهود البحث عن المفقودين منهم.
في اعتقادي الشخصي، أن ترابط تلك الأنظمة مع أنظمة وزارات الداخلية والخارجية، والصحة، والحج والعمرة، والإعلام، والهيئة العامة للطيران المدني وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك، والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، وبرنامج خدمة ضيوف الرحمن، يُعد حجر الإساس للمبادرة العالمية، وهو ما سيخلق فائدة جمّة من خلال جمع بيانات ضخمة؛ لتعزيز رضا العملاء، وتطوير خدمات الحج والعمرة، وغيرها من الخدمات التي تقدمها بلادنا لزوراها من أرجاء المعمورة.